واعلم أن مثل هذا الغلط الفاحش وقع كثيرا في السالنامة المذكورة، وفي ذكر أسماء الولاة العثمانيين، بحيث قدّم بعضهم على بعض، وذكر منهم من لم يتولّ حلب بالمدة «١» ، وأهمل من تولاها زمنا طويلا. ولهذا لم نعول عليها في ذكر الولاة إلا من لم نقدر على تحرير زمنه ذكرناه وعزوناه إليها لتكون العهدة عليها. وبعد أن حررنا أسماء الولاة على قدر ما في وسعنا صححنا جدول الولاة في سلنامة الولاية على مقتضى ما حررناه، وذلك منذ فتح حلب إلى يومنا هذا. ومن يراجع السالنامة المطبوعة سنة ١٣٠٣ وما قبلها يظهر له ذلك جليا.
وفي سنة ٩٣٠ حدث طاعون مهول لم يبق ولم يذر.
[صلب نائب حلب أي قاضيها:]
وفي سنة ٩٣١ دخل إلى حلب- مجتازا منها إلى آمد- إبراهيم باشا ابن عبد الله باشا الرومي، وأمر بصلب نائبها محمد بن حمزة لما بلغه عنه من الظلم والتجاهر بالرشوة وشرب الخمر وحضوره إلى المحكمة ورائحته مشمومة منه.
[مقتل قرا قاضي:]
في سنة ٩٣٤ كان قرا قاضي علي بن أحمد علاء الدين الرومي متوليا على خطة تفتيش أوقاف حلب وأملاكها والنظر على الأموال السلطانية. فبالغ في جمعها وتثميرها حتى أخرج حكما سلطانيا بمنع توريث ذوي الأرحام من الشافعية بخصوصهم، وضبط التركة لبيت المال. وأراد أن يجعل ملح المملحة المضبوط لبيت المال أغلى من الفلفل، زاعما أن الناس أحوج إلى الملح منه، ومنع بيع حنطة كانت مخزونة للسلطان سليمان خان مع أن السنة كانت مجدبة والقحط والغلاء مستوليين.
ولما اجتمعت هذه الأسباب وأراد الله إنفاذ أمره فيه حضر لصلاة الجمعة خامس شعبان من السنة المذكورة في الجامع الكبير، فقام عليه غوغاء الناس وأسافلهم وكثر لغطهم فيه، ثم كبّروا ووثبوا عليه وقتلوه ضربا بالنعال ورجما بالحجارة وقتلوا معه أحمد بن أبي بكر الأصلي العريقي الحلبي لأنه كان يعضده في أعماله. ومن العجب أن قصابا شق بطن أحمد