ورحل في يوم الأحد فنازل حصنا يقال له دارم وفيه مقاتلة للروم من يوم الثلاثاء إلى يوم الخميس حتى قارب فتحه، فبلغه تجمّع الروم في عددهم ومددهم وأخذهم الدروب وتقديرهم اعتراضه في يوم الجمعة فنزل منزلا ببطن سمنين بعد عبره عقبة هاموته وبكر في يوم السبت لعشر خلون من صفر قافلا إلى الدرب المعروف بدرب باقسايا. فلما توسط وظهرت قوافل أعدائه أنفذ إليهم من ناوشهم فاستظهر عليهم ثم كرّوا وصبروا. وأمر سيف الدولة بضرب خيمة بموضعه وصعد إلى جموعهم وهم عند أنفسهم مستظهرون في مواضعهم فخمل عليهم فولوا ووضع السيف فيهم فقتل فيما قتل أربعة آلاف رجل، منهم ابن بلنطس البطريق، وابن فشير فارس النصرانية، وزروان مرح قلزور وأرجوزان وعدد يطول ذكرهم وغنم الرجال ما يفوق الإحصاء من الدوابّ والبغال والحلي والديباج. وسار طالبا لفلّهم «١» في طبراش وصعوده وهبوطه واحتاج في بعضه إلى الترجل والمشي. وكان انصرافه عن الفل بعد العصر، وسار نحو آمد فدخلها في آخر نهار يوم الأحد لعشر خلون من صفر سنة ٣٤٥ فأنشده أبو الطيب في آمد قصيدته التي مطلعها «الرأي قبل شجاعة الشجعان»«٢» .
[سنة ٣٤٧ الزيادة في الأذان:]
قال المقريزي في الخطط المصرية: أول من أذّن بالليل: «محمّد وعليّ خير البشر» :
الحسين، المعروف بأمير أشكنبة، ويقال أسكنبة، وهو اسم أعجمي معناه الكرش، وهو ابن علي بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب. وكان أول تأذينه بذلك في حلب أيام سيف الدولة سنة ٣٤٧ ولم يزل الأذان بحلب يزاد فيه:«حيّ على خير العمل، ومحمد وعليّ خير البشر» إلى أيام نور الدين محمود زنكي. فلما فتح المدرسة الكبيرة المعروفة بالحلوية استدعى أبا الحسن عليا بن الحسن بن محمد البلخي إليها فجاءه ومعه جماعة من الفقهاء وألقى بها الدروس، فلما سمع الأذان أمر الفقهاء أن يصعدوا المنارة وقت الأذان، وقال لهم: مروهم أن يؤذّنوا الأذان الشرعي، ومن امتنع منهم كبّوه على رأسه. ففعلوا ما أمرهم به وبطلت هذه الزيادة.