الأبهاء والمقاصير وكثرة الغرف والمرافق والحدائق ومتانة البناء وزخارف النقوش، وهي لم تزل تعدّ من بدائع الآثار البنائية القديمة التي يقصدها الأثريون للتفرج.
وبعد أن اشتراها الحاج بكور آغا وتصرف بها مدة من الزمن أعادها جميعها إلى ورثة الأخوين بالثمن الذي أخذها فعدّ ذلك منه شهامة وكرم أخلاق، وظهر للناس أنه لم يقصد من شرائها إلا حفظها لورثة الأخوين وإعادتها لهم حين سنوح الفرصة. ولم يبق له منها سوى داره المقيم بها الآن بعض فروع أعقابه. ومن غريب الاتفاق أنه كان لأحمد بك جارية كالحظيّة عنده، كانت تندد بالحاج بكور وتطعن به وتتحايل عليه لأنه حاز الزعامة لدى الولاة وصار نافذ الكلمة عندهم، فوقعت هذه المسكينة في قبضة الحاج بكور آغا، أخذها شراء مع جملة ما أخذه من تركة أحمد بك وجعلها خادمة في مطبخه بعد أن كانت حظية أعظم رجل في حلب يأتمر الخدم بأمرها ولا ترد لها كلمة.
[سفر علي رضا باشا إلى بغداد:]
وفي سنة ١٢٤٦ تمرّد داود باشا والي بغداد على الدولة وخرج عن طاعتها. فأصدر السلطان أمره إلى علي رضا باشا بأن يكون واليا في بغداد، وشرط عليه أن يخضع واليها المتمرد وينكل به. فسافر إلى بغداد في أواخر هذه السنة وصحب معه (أبا بكر بن محمد ابن إبراهيم الكردي) أحد رجالات العمق وأمرائه، وجعله مستشارا له ووكيلا عنه في إدارة أمور الجيش وسماه كهيا أو كتخدا. ومن ذلك اليوم عرفت هذه الأسرة بآل الكتخدا.
وفي هذه السنة ١٢٤٦ ولي حلب إينجه بيرقدار زاده محمد باشا. وفي سنة ١٢٤٨ استولى على حلب إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا خديوي مصر.
[إجمال بهذه الأسرة:]
لهذه الأسرة تاريخ حافل يسمى «المناقب الإبراهيمية» وهو مطبوع متداول استغنينا به عن إطالة الكلام في بيان أخبار هذه الأسرة واكتفينا بالإلماع إليها بهذا الإجمال فنقول:
إن الجد الأعلى لهذه الأسرة هو المرحوم محمد علي باشا، وأصله من مدينة قولة إحدى بلاد الأرناوود وبها كانت ولادته سنة ١١٨٣ ومات والده عنه وهو صغير فكفله أحد أصدقاء أبيه وأحسن تربيته، ونشأ على محبة الفوز والظفر بمقاصده وصحب الغزاة، واشتهر