بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الأول والآخر، والظاهر والباطن، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، وهو الذي يمنح السراء، ويدفع الضرّاء، ويحقق الرجاء، ويجزل العطاء. يغفر الذنب، ويقبل التوب، ويمحو الحوب «١» ، ويستر العيوب، ويكشف المكروب. وينعم بالراحة بعد اللّغوب «٢» .
لا راد لما قضاه، ولا معاند لما ارتضاه. فليس بالإمكان، أبدع مما كان. جعل لكل نبأ مستقرا. ولكل شيء في حكمته البالغة مظهرا ومستسرا. وزّع على عباده السعادة والشقاء، والراحة والعناء، والعسر واليسر، والنفع والضر، والخذلان والنصر.
وشاء في قدره المحتوم، وعلمه المكتوم، أن يكون منهم الظالم والمظلوم، والحاكم والمحكوم. ثم أورد الكل مورد الفناء والعدم، وتفرد سبحانه بالبقاء والقدم.
وصلى الله وسلم على محمد بن عبد الله، حبيبه ومجتباه. نبي قص علينا ما فيه عبرة لنا فبلّغ وصدق، كما قص الله عليه من أنباء ما قد سبق. بشّر من اتبعه ووالاه، وأنذر من خالفه وناواه. وعلى آله وأصحابه الأطهار، رواة الأخبار، وحملة الآثار.
وسلم تسليما كثيرا.
وبعد فإني منذ زمن بعيد أعاني جمع هذا الكتاب، وأصرف على تأليفه من نقد عمري، وجوهر مالي، ما يستكثر مثله من أمثالي. وقد تتبعت من أجله العدد الكثير من الكتب التاريخية وغيرها، وتصفحت زهاء مائة مجلد من السجلّات المحفوظة في المحكمة الشرعية وتكبدت عناء زائدا في الاطلاع على دفاتر الدوائر الرسمية. وعلى ما هو مدخر في المكتبات الخيرية والأهلية من المجاميع والرقاع الخصوصية التي سطرها