الأخبار في رمضان بأنه استولى على مكة المكرّمة وجدّة والطائف وينبع، وطرد العساكر التركية وأسر بعضها، وعقد مع دولتي إنكلترا وفرنسة معاهدة على أن يستولي على البلاد العربية العثمانية بمعاونتهما فيستقل فيها العنصر العربي ويكون هو الملك عليها إلخ.
حركة حضرة الشريف هذه قد أثبت فيها جمال باشا- في مذكراته- كلاما مسهبا ليس من غرضنا التعرض إلى تفنيده أو إلى تصويبه، بل نكل ذلك إلى من يرون أنفسهم مضطرة إلى كشف الحقيقة وتمحيضها في هذه المسألة الخطيرة.
على أنني لا أنكر أن هذا القيام لم يخل من فائدة لسوريا فإنه قد وقف تيار الفتك الذي كان يخوض في بحره جمال باشا دون رادع ولا مسيطر.
[إجلاء أسر من دمشق وحلب:]
فيها أجلى جمال باشا بعض أسر كريمة عن دمشق لقرابة بينهم وبين بعض المقتولين الذين تقدم ذكرهم، أجلاها إلى جهات الأناضول، وأجلى من حلب أسرة محترمة لأن جنديا من ذوي قرابتها التحق بجيوش حضرة الشريف، أجلاها إلى مدينة قرق كليسا في ولاية أدرنة.
[إحداث جريدة في المدينة:]
وفيها صارت الأخبار ترد من الحجاز تارة بانتصار الجيوش التركية على الجيوش العربية، وتارة بالعكس، وأن المدينة المنورة دخلت في حوزة العرب وأنهم نسفوا سكة الحديد في جهات الكرك ومعان وغيرهما. ولما كانت هذه الأخبار تضعف معنويات الجنود التركية وتزيد في قوة معنويات العرب، رأى جمال باشا أن يصدر في المدينة المنورة صحيفة إخبارية تحرر ما يجري في الحجاز بين الجنود التركية والعربية على الصفة التي تخدم إرادته وتروّج أفكاره، وأن تنشىء مقالات تبرهن على حسن سلوك جمال باشا وسوء سلوك حضرة الشريف في هذه المسألة. فجهز للمدينة المنورة مطبعة بأدواتها ولوازمها واختار محررا لها وطنينا البارع الأديب الشيخ بدر الدين النعساني، فسافر إلى المدينة المنورة وأصدر هناك صحيفة سماها «الحجاز» واستمرت تصدر مدة سنة أو أقل منها، ثم بطلت وعاد محررها إلى أوطانه.