وفي سنة ٩٣٥ استقر عيسى باشا واليا في حلب، وكان عالما فاضلا في عدة فنون حتى في الطب إلا أنه كان عنده قوة غضبية بحيث إذا اشتد غضبه خمش يديه بيديه فأدماها.
وهو لا يشعر بذلك، فإذا سفك دم المغضوب عليه سكن ما به. وكان يعتاد لبس الثوب الأحمر يوم الغضب كما كان ذلك عادة لبعض المتقدمين من الجراكسة. ولم أعلم من تولى حلب بينه وبين قراجا باشا.
وفي سنة ٩٣٩ حدث طاعون شديد أهلك خلقا كثيرا.
[مجيء السلطان سليمان إلى حلب:]
وفي سنة ٩٤٠ عاد السلطان سليمان خان من فتح تبريز، ومرّ بطريقه على حلب وطاف على مزاراتها، وكان بركابه إبراهيم باشا الوزير الأعظم المتقدم ذكره. وفي سنة ٩٤١ نقل خسرو باشا من ولاية حلب إلى كفالة مصر، ولم أر من صرّح بتاريخ دخوله واليا على حلب. ويفهم من در الحبب أن والي حلب قبله موسى بك، المشهور بابن أسفنديار الخالدي «١» . وعلى هذا فيكون موسى بك بين خسرو باشا وبين عيسى باشا.
وفهم من در الحبب أيضا أن الوالي على حلب بعد خسرو باشا حسين بك. قال «٢» :
«وكان كثير القتل بغير سجل شرعي، سفاكا للدماء على صورة قبيحة من تكسير الأطراف والإحراق بالنار والمحرق حيّ متناولا للرّشا «٣» لا نفع له. توفي وهو وال على حلب في جمادى الأولى سنة ٩٤٩ ودفن خارج الكلاسة» ، ولم أقف على من تولى حلب بعده إلى أن دخلها واليا مصطفى باشا البيوقلي، كما يأتي. وفي سنة ٩٥٠ حدث طاعون جارف لم تعلم وفياته اليومية. وفي سنة ٩٥١ دخل حلب واليا عليها مصطفى بن بيوقلي باشا الرومي، فتتبع قطاع الطريق ليلا ونهارا بنفسه وعسكره، وأظهر سطوته في اللصوص وربما جاءه النذير عن طائفة من دعّار الأكراد وغيرهم من مكان كذا، فركب عليهم في الحال بثياب البذلة.