أفواه المدافع إلى جهة حصونهم فهدمها، واخترق الصف الأول من محلاتهم ثم دعاهم للانقياد والإذعان فلم يجيبوا واستمروا مجاهرين بالعصيان، فأعاد إطلاق المدافع عليهم، فما كان منهم إلا أن رفعوا خرقة بيضاء كتب عليها بقلم عريض كلمات بالتركية معناها:
«أوقفوا النار للمخابرة» . فأسكتت المدافع وبعد نصف ساعة سلموا نحو ستمائة من نسائهم وأطفالهم.
ثم في اليوم التالي عادوا إلى ما كانوا عليه من التمرد والفساد وهجموا على الجنود فقوبلوا بالمثل وانكسروا شرّ كسرة، واستولت الجنود على الكنيسة ودار الأيتام والأماكن التي اتخذوها حصونا لهم ونكلوا بالعصاة شر تنكيل. وهكذا انتهت هذه الحادثة، وكان عدد من قتل وجرح من مسلمي أورفة ٤٢ شخصا، ومن الدرك ثمانية وجرح أربعة وعشرون، ومن العساكر مائتان، منهم ضابط واحد.
[حادثة الأرمن في الزيتون:]
لا ينكر ما لبعض رؤساء الأرمن وما لبعض الحكومات الأجنبية من الأيدي اللاعبة في عقول الأمة الأرمنية تهييجا لعصاباتهم على القيام في وجه تركيا أثناء اشتغالها في الحرب العامة، عرقلة لمساعيها ولاشغالها عن مكافحة الروس:
فأول ما ظهر من متمردي الأرمن في الزيتون- بعد إعلان الحرب- أنهم رفضوا أوامر الحكومة وامتنعوا عن التجنيد ودفع الضرائب، وقاموا يتعرضون للسابلة بالقتل والنهب، وتعلّق دعّارهم في الجبال وخرجوا على قافلة تسير على طريق «فرنس» فقتلوا أكثر أهلها ونهبوا أموالهم وقتلوا جماعة من الدرك في بعض القرى. وحينئذ اهتمت الحكومة بشأنهم فألقت القبض على ٦٥ شخصا منهم. وبلغ الحكومة أن بانوس بن جافر- زعيم جمعية «خنجاق» في الزيتون- قد عزم على كبس دار الحكومة وقتل المأمورين وكبس مستودع السلاح ونهب ما فيه وقطع أسلاك البرق. فأخفق سعيه.
وكمنت عصابة من شطّار أرمن الزيتون في بعض الجبال المنيعة قصد التعرض إلى مهمات حربية قادمة على الزيتون، فلم تنل هذه العصابة أربها؛ إنما خرجت بغتة على جماعة من الدرك فقتلت منهم ستة وجرحت اثنين، وقطعت السلك البرقي بين الزيتون ومرعش،