هو لصيق البهرامية من جنوبيها الشرقي بناه نور الدين (محمود) بن زنكي وقد تقدم إلى الأطباء أن يختاروا من حلب أصح بقعة هواء فذبحوا خروفا وقطعوه أربعة أرباع وعلقوها بأربعة أرباع المدينة ليلا فلما أصبحوا وجدوا أحسنها رائحة ما علق منها في هذا الربع فبنوا البيمارستان فيه مكتوب على نجفة بابه أنه عمره نور الدين بتولي ابن أبي الصعاليك وكان فيه قاعة للنساء مكتوب عليها (عمر هذا المكان في دولة السلطان صلاح الدين يوسف ابن العزيز محمد بتولي أبي المعالي محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن العجمي الشافعي في شهر رمضان سنة ٦٥٥) ، وعلى إيوان فيه أنه عمر في أيام الأشرف شعبان وأن هذا الإيوان وقاعة النساء الصيفية أنشأهما سبط ابن السفاح. وعلى الشباك الذي على بابه أنه أحدث سنة ٨٤٠ على يد الحاج محمد المارستاني.
وكانت قاعة المنسهلين سماوية فسقفها القاضي شهاب الدين بن الزهدي. وقف نور الدين على هذا البيمارستان قرية معرايا ونصف مزرعة وادي العسل من جبل سمعان وخمسة أفدنة من مزرعة كفرنايا وثلث مزرعة الخالدي وطاحونها من المطخ وثمن طاحون عريبه ظاهر باب الجنان وثمانية أفدان من مزرعة أبي مدايا من عزاز وخمسة أفدان من مزرعة الحميره من المطخ واثني عشر فدانا من مزرعة الفرذل من المعرة وثلث قرية بيت راعل من الغربيات وعشر دكاكين بسوق الهواء منها ثلاثة بتمامها والباقي شركة الجامع الكبير وأحكارا ظاهر باب أنطاكية وباب الفرج وباب الجنان.
نقل ابن حجر بعض كلمات في تقريظ هذا البيمارستان لعلاء الدين أبي الحسن علي الحنبلي فأحببت نقلها وهي (وصفت مشارب الضعفاء بعد الكدر وسقاهم ربهم شرابا طهورا، وتلي لمن سعى لهم في ذلك وجزى بالخيرات: إنّ هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا. ودار شراب العافية على تلك الحضرة بالطاس والكاس. وحصل لهم البرء من تلك البراني التي يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس. ودبت الصحة