أقول: والحق يقال إن جرّ عين ماء التل إلى حلب حقيق أن يعدّ لأحمد جمال باشا أثرا عظيما ويدا بيضاء ومنّة كبرى على سكان الشهباء، فقد حقق بها أمانيهم بهذا الماء الذي طالما تمنّوا إسالته إلى حلب فلم يتح لهم القدر ما تمنّوه.
[الغلاء وضحايا الجوع:]
في هذه السنة أخذت أسعار الحبوب تتصاعد بسبب رداءة الموسم وإقبال الألمان على الاحتكار. وقد شددت الحكومة- بأمر العسكرية- المراقبة على محتكري الحبوب من الأهلين وأعلنت أنها ستكبس البيوت والمستودعات، فمن وجدت عنده من الحبوب أزيد من مؤنة سنة فإنها تصادر الزائد وتحاكم صاحبه في الديوان العرفي وتعاقبه بما تقضي عليه أحكامه. وقد نتج من هذا الإعلان انقطاع ورود الحب من القرى، وارتفع سعر الشنبل من الحنطة إلى ألفي قرش، ومن الشعير إلى ألف وأربعمائة. واشتد الخطب على الفقراء في شتاء هذه السنة وهلك بالجوع كثيرون ولا راحم لهم ولا مغيث، وكل واحد من الناس يقول: نفسي نفسي؛ لأن الجميع كانوا يرون أن هذه الحرب سيطول أمدها وتكون سببا لإبادة العالم.
[خسوف القمر:]
وفي رمضان هذه السنة- في ليلة النصف منه- خسف القمر خسوفا تاما بحيث غاب جميعه ثم عاد للانجلاء كما كان. وفي أثناء خسوفه قامت ضجة عظيمة من أصوات العيارات النارية والضرب على النحاس والدق في الهاوانات «١» جريا على العادة القديمة.
[مقتول بالتعليق:]
وفي هذا الشهر علّق عند برج الساعة- في رحبة باب الفرج- شخص من العساكر الفرارية «٢» .