ومركز ولاية سوريا في ذلك التاريخ وغيرهما من مدن سوريا وشرعوا يدعون إلى الكثلكة في هذه البلاد سرا وعلنا حتى كثرت أتباعهم واستفحل أمرهم ونجم عن ذلك النزاع والشقاق بين أشياعهم وبين أبناء الطائفة الأرثوذكسية وكان يساعدهم قناصل دولة النمسا ثم قناصل دولة فرنسة في حلب وسفيرهما في إستانبول ويبذلون لهم أنواع المعونات وكانت الحكومة العثمانية تساعد الأرتودكسيين لأسباب لا تخفى واستمر ذلك زمنا طويلا حتى آل الأمر إلى ما أثبتناه في حوادث سنة ١٢٣٤ هـ ١٨١٥ م.
يلحق بهذه الكنيسة مدرستان نهاريتان إحداهما للذكور والأخرى للإناث كل واحدة منهما تضم إليها نحو ٢٠٠ تلميذ والدخول إليهما مجانا وأبوابهما مفتوحة للعموم إلا أنه لا يوجد فيهما سوى أبناء الطائفة وكل واحدة منهما يشتمل على قسم من الحضانة، والعلوم التي تلقى فيهما مبادئ العلوم الدينية المسيحية واللغة العربية والفرنسية واليونانية ولهذه الكنيسة مكتبة تضم إليها نحو ٥٠٠ مجلد في علوم شتى أكثرها مطبوع باللغة اليونانية وباقيها باللغة الفرنسية وفيها عدة كتب مخطوطة باللغة العربية. منها نسخة إنجيل طبعت في مطبعة هذه الطائفة في حلب سنة ١١٢٦ هـ ١٧٠٦ م وفي المطبعة التي تكلمنا عليها في المقدمة في الفصل الذي عقدناه في الكلام على مكتبات حلب وللطائفة أيضا ميتم يضم إليه نحو ثلاثين يتيما. و (قلايتها)«١» وهي دار المطران في سوق هذه المحلة تجاه قلاية السريان بميلة إلى الغرب مستحدثة بنيت بسعى المطران كيرللس سنة ١٢٦٧ هـ ١٨٥٩ م على أثر قلاية أصيبت بحريق. من أدباء هذه الطائفة الأحياء الأرشمندريت إيليا إسطفان والخوري كيرللس وغيرهما.
[كنيسة الأرمن]
للأرمن كنيستان يدخل إليهما من الرحبة المذكورة في عبارة السائح المتقدم ذكرها.
فالكنيسة الأولى حادثة بحدوث هذه المحلة بناها على اسم العذراء رجل من أغنياء الأرمن اسمه قوجه مقصود سنة ٨٦٠ هـ ١٤٥٥ م مدخل هذه الكنيسة كما قلنا من الرحبة السالف بيانها وبابها متجه إلى جهة الغرب بين باب كنيسة الروم وباب كنيسة الموارنة الآتي ذكرها