يوم السبت عاشر رمضان هذه السنة (١٣٣٢) الموافق اليوم الحادي والعشرين من تموز سنة ١٣٣٠ رومية واليوم الثالث من آب سنة ١٩١٤ م- أصبح الناس فرأوا في منعطفات الشوارع وأبواب الأماكن الشهيرة- كالجوامع والخانات- أوراقا ملصقة بالجدران مطبوعة ملونة فيها صورة الشعار العثماني، وتحته سطر واحد فيه كلمة (سفر برلك) أي النفير العام. فعلم الناس أن هذه الأوراق هي التي كانت في المغلفات التي سلمتها الجهة العسكرية إلى المخاترة وأمرتهم بحفظها. وقد عظم هذا الأمر على الناس وأصبح تحدّثهم به شغلهم الشاغل، وبعد أيام قليلة غلق بالشوارع من الجهة العسكرية إعلان فحواه: «أن كل من كان بالغا سن المكلفية العسكرية أن يحضر إلى المكان المعيّن (مثل برية المسلخ) ويثبت اسمه وكنيته في سجلات العسكرية في برهة أيام قليلة» .
فتسارع الناس إلى تلك الأماكن لتسجيل أسمائهم، وكان المسلمون صائمين والحر شديدا، فتكبدوا من أجل ذلك مشقة زائدة. وبعد أيام دعت الجهة العسكرية كل من أثبت اسمه وكنيته إلى حمل السلاح والدخول في السلك العسكري. ثم أذيع قانون عسكري مصرّح فيه بأن كل ذكر من الشعوب العثمانية يعتبر جنديا، مسلما كان أم غير مسلم، سواء كان له معين أم لم يكن. لا يستثنى من الجندية أحد بل كل عثماني يعتبر بحكم هذا القانون عسكريا. وأن المكلف المعذور بعذر شرعي معقول- يمنعه عن القيام بالجندية- يؤذن له بعد تحقق عذره بالانفكاك عن التجند مدة تلبّسه بالعذر. فإذا انقضت معذرته فعليه أن يعود إلى التجند.
هذا القانون قد استعظمه الناس وعدّوا أحكامه جائرة، لأنه لا يرحم الوحيد في عياله ولا الضعيف في بدنه، وقالوا: إنه مما جناه على الأمة جماعة حزب الاتحاد والترقي اقتداء بالحكومة الألمانية التي مشت على قاعدة التجنيد العام.
[الإدارة العرفية:]
في اليوم الثاني عشر من رمضان الجاري أعلنت العسكرية الإدارة العرفية في حلب.