قلت: هذا في زمانه أما الآن فيباع الملح في القبان أيضا. وقال: وماء هذا النهر في غاية من الصفاء والعذوبة. قلت: المشاهد في زماننا أن هذه المملحة تجتمع مياهها من نهر الذهب، ومن أمطار الشتاء التي تنصب إليها من الأراضي المجاورة المتشبعة من مادة الملح فتصير رقراقا متسعا محيطه ثمان عشر «١» ساعة. فإذا جاء عليه شهر تموز جف الماء ورسب الملح، وهو في غاية الجودة صادق الملوحة سريع الذوب بالماء يصلح للهدايا إلى استانبول وغيرها. وقد يبلغ الملح الذي يستخرج منه سنويا بضعا «٢» وعشرين ألف قنطار حلبي أو أكثر. وهذه المملحة الآن خاصة بنظارة الديون العمومية العثمانية. وقد بلغت مداخيلها سنة ١٣٠١ رومية ألفي ألف وخمسمائة ألف قرش. وذكر ابن الشحنة في جدول تعديل مداخيل حلب سنة ٦٠٩، وذلك في أيام الملك الظاهر صلاح الدين، أنّ دخل الملح في السنة المذكورة ثلاث مائة ألف درهم وعشرون ألف درهم. وبحيرة الجبول هذه لا يوجد فيها شيء من الحيوانات المائية سوى أنه عشية كل ليلة من فصل الربيع يرحل إليها للمبيت أسراب عديدة من الإوز والبط تمضي سحابة نهارها في بحيرات العمق لتقتات من حيواناتها، فتقبل إليها صباحا وترحل عنها إلى بحيرة الجبول عشية فترقد فيها، لا ينغّصها فيها شيء من الهوامّ التي توجد في البحيرات العذبة كالبعوض والقمل، إذ لا وجود لهما فيها بسبب ملوحة مائها.
[نهر حلب]
قال ابن خطيب الناصرية ما ملخصه: إن نهر حلب اسمه قويق، وكان يجري في الشتاء والربيع وينقطع في الصيف، ومنبعه من بلاد عينتاب، وغوره في المطخ حتى ساق إليه الساجور الأمير أرغون نائب حلب فدام جريانه. وإذا جاء قبليّ حلب تمده العين المباركة فيغور الجميع بالمطخ. وعن ابن شداد أن «قويق» تصغير قاق. وأنه شاهد لهذا النهر مخرجين بينهما وبين حلب أربعة وعشرون ميلا، أحدهما في قرية الحسينية بالقرب من عزاز، يجري ماؤها بين جبلين، حتى يقع في الوطاة قبلي الجبل الممتد من بلد عزاز شرقا وغربا، والآخر عيون من عينتاب وبعض قراها، تجري إلى نهر خارج من فم فج عينتاب، فيقع