السور منهم، فاغتنم الروم الفرصة وتسوروا ونزلوا وفتحوا الأبواب ودخلوا البلد بالسيف يقتلون من وجدوا حتى ضجروا وتعبوا. وكان في حلب ألف وأربعمائة أسير رومي، فخلصوهم وجمعوا السلاح وسبوا بضعة عشر ألف صبي وصبية وأخذوا من الأموال ما قدروا على حمله وأحرقوا المساجد والجامع الأعظم واحترق معه مكتبته التي كانت تشتمل على عشرة آلاف مجلد في فنون شتى. وكانت عدة عسكره في هذه الواقعة مائتي ألف رجل، منهم ثلاثون ألف مدرّع وثلاثون ألفا للهدم وإصلاح الطرقات وتنحية الثلوج عنها، وأربعة آلاف بغل تحمل الحسك «١» من الحديد.
ولما دخل الروم البلد قصد الناس القلعة فمن دخلها نجا بنفسه. وأقام الدمستق تسعة أيام وأراد الانصراف عن حلب، ثم بدا له أن ينزل على القلعة فأنفذ ابن أخت الملك وكان معه، وبقي الدمستق بعسكره على باب البلد، فتقدم المذكور ومعه سيفه وترسه وتبعه الروم. ولما قرب من باب القلعة ألقي عليه حجر فسقط ورمي بخشب فقتل، فأخذه أصحابه وعادوا إلى الدمستق فلما رآه قتيلا قتل جميع من كان معه من أسرى المسلمين وكانوا ألفا ومائتي أسير، وعاد إلى بلاده ولم يعترض لسواد حلب، وأمر أهله بالزراعة والعمارة ليعود إليه في العام الثاني.
وفي هذه السنة أسرت الروم أبا فراس الحمداني من منبج، وكان متقلدا لها.
[امتناع أهل حران على عاملها:]
وفي سنة ٣٥٢ امتنع أهل حرّان على صاحبها هبة الله بن ناصر الدولة الحمداني، وكان متقلدا لها ولغيرها من ديار مضر من قبل عمه سيف الدولة، فعسفهم وظلمهم. وكان هبة الله عند عمه بحلب حين قيامهم على نوابه، فسار إليهم سيف الدولة وابن أخيه وحصروهم واقتتلوا أكثر من شهرين. ثم لما رأى سيف الدولة شدة الأمر أجابهم إلى ما طلبوا ودخل هبة الله البلد.