للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فجعل كامل باشا شيخنا محمد آغا المكانسي كمتسلّم لحلب لأجل حفظها، فجمع محمد آغا عصابة من شبيبة محلة باب النيرب وجعل يطوف بهم ليلا في شوارع حلب ومحلاتها إلى أن انتهت الحرب، وعاد المتجندون إلى أوطانهم ولم يحصل في حلب ما يخل بالسلام.

[شتاء شديد:]

في سنة ١٢٩٥ كان الشتاء شديدا وتوالى سقوط الثلج على حلب وأكثر أعمالها نحوا من أربعين يوما، حتى هجمت الظباء والذئاب على العمران وانقطعت الطرق والمواصلات ومات في البر عدة أوادم وهلك ألوف من الغنم والمواشي.

[تشكيل عدلية حلب:]

وفي هذه السنة (١٢٩٥) شكلت عدلية حلب. وقد أسلفنا ذكر (محكمة البداية) في الجزء الأول من هذا الكتاب. وفي سنة ١٢٩٦ ولي حلب غالب باشا ثم سعيد باشا.

[غلاء شديد:]

وفيها ارتفع سعر الحبّ في تشرين الأول، واستمر إلى حزيران، واشتد الغلاء وبيع رطل الخبز باثني عشر قرشا بدل قرش ونصف، وارتفع سعر بقية المأكولات على هذه النسبة كالرز والعدس والبرغل واللحم، فاضطرب الفقراء وثاروا في أحد الأيام، ومشى منهم جمهور إلى السوق الكبير المعروف باسم (المدينة) وأخذوا يتخطفون المأكولات من سوق العطارين، وبعض البضائع من بقية الأسواق، فأسرع الناس إلى إغلاق حوانيتهم وخيف من حدوث ثورة عامة. وكان الفريق على الجندية جميل باشا ابن نامق باشا، فنزل من الثكنة العسكرية مع ثلّة من الجنود وهددوا الثوار فارتاعوا وسكنت الثائرة.

وهذا أول عمل اشتهر به جميل باشا بين الحلبيّين فأحبوه ومالت نفوسهم إليه، وقدموا له محضرا عاما يتضمن طلبهم منه أن يكون واليا عليهم. وكان سعيد باشا يرى ولاية حلب دون مرتبته فكان قيامه بأمور الولاية قياما يصحبه سآمة وفتور. ثم لما علم بميل الناس إلى جميل باشا الفريق العسكري استقال من خدمته. وكان جميل باشا قد أرسل محضر أهل حلب- الناطق بطلبه واليا عليهم- إلى استانبول فقبله الباب العالي وجعله واليا على

<<  <  ج: ص:  >  >>