[انقراض دولة بني مرداس، ودخول حلب تحت سلطة شرف الدولة، ثم حكم الشريف بها، ثم دخولها تحت سلطة الدولة السلجوقية وغير ذلك من الحوادث إلى سنة ٤٩١]
وفي سنة ٤٧٢ حصر حلب أبو المكارم شرف الدولة مسلم بن قريش بن بدران المقلد ابن المسيّب، صاحب الموصل. ودام حصاره لها إلى ابتداء سنة ٤٧٣ وكان الشريف أبو علي الحسن بن هبة الله الحسيني الهاشمي، مقدّم الأحداث بحلب، هو رئيس المدينة، فتمكن وقويت يده وسلّم المدينة إلى أبي المكارم المذكور، فتسلمها ثم تسلم قلعتها واستنزل منها (سابقا، ووثّابا) ابني محمود المرداسي. وفيها كان انقراض ملك بني مرداس من حلب.
وفي سنة ٤٧٧ سار سليمان بن قطلمش السلجوقي، صاحب قونيه وأقسراي وغيرهما، إلى الشام وملك أنطاكية بمخامرة الحاكم بها من جهة الروم، وكانت بيدهم من سنة ٣٥٨ فافتتحها سليمان في هذه السنة. ولما سمع شرف الدولة صاحب الموصل وحلب بذلك أرسل إلى سليمان يطلب منه ما كان يحمله إليه أهل أنطاكية، فقال سليمان: كان ذلك على سبيل الجزية، ولم يعطه شيئا. ثم اقتتلا في الرابع والعشرين من صفر سنة ٤٧٨ في طرف أعمال أنطاكية فانهزم عسكر شرف الدولة وقتل في المعركة بعد أن قتل بين يديه أربعمائة غلام من أحداث حلب. وعند ها انفرد الشريف أبو علي الحسن بن هبة الله بولاية المدينة وسالم بن مالك العقيلي بقلعتها، فبنى الشريف قلعته خارج حلب في هذه السنة وسكنها خوفا على نفسه، ولما قتل شرف الدولة قصد بنو عقيل أخاه إبراهيم بن قريش وهو محبوس فأخرجوه وملكوه.
ثم إن سليمان بن قطلمش أرسل إلى ابن الحتيتي العباسي مقدّم أهل حلب يطلب منه تسليم حلب إليه، فاستمهله ابن الحتيتي إلى أن يكاتب ملك شاه وأرسل ابن الحتيتي يستدعي تتش السلجوقي صاحب دمشق، فسار تتش إلى حلب وجرت بينه وبين ابن عمه سليمان