كثيرة وأمم مختلفة منها غزنة والباميان والغور وما وراء النهر وهو جيحون نحو بخارى وسمرقند والخجند والخوقند وغير ذلك. وبلاد تركستان وأستروشنة وفرغانة وبلاد صاغون وسرام وبلاد الخطا والمايغ إلى قراقوم، وهي قرية جنكزخان، وفيها كان مولده ومنشؤه، ثم ما وراء ذلك من بلاد الصين وصين الصين، كل هذه الممالك العظيمة: سلاطينها وملوكها مسلمون (أي في عصر العمري، المنقولة عنه هذه المقالة) .
[أصل الأتراك ودياناتهم:]
الأتراك من نسل يافث، وكانوا بادية رحّلا نزّلا يعيشون عيشة البدو ويأكلون الكلاب والفأر وما يجدونه من الصيد، ويدينون بالوثنية المعروفة باسم (بت برست) . ومنهم من يعبد النار، وبعضهم يعبد إلها في الشمس، ويسمون رهبانهم شامان. ومن هؤلاء بقية تقطن في شمال سبيريا والجزائر الملحقة بالمحيط الهادي. ورهبانهم يشدون في أوساطهم أذناب الخيل ويعلقون عليها الطبول أحيانا ليطردوا بها الشيطان على زعمهم، ويدّعون علم السحر ويعتقدون الجن والملائكة ويسمون أكبرهم الشيطان.
[متى بدأ الدين الإسلامي ينتشر في الأتراك]
لم أظفر بقول صريح يبين التاريخ الذي بدأ فيه بزوغ شمس الإسلام على عالم الأمم التركية. وأنا لا أستبعد أن يكون بدأ نجم الإسلام يسطع في سماء الممالك التركية منذ سنة ٢٢ هـ في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك حينما فتحت قزوين وزنجان عن يد البراء بن عازب، وأذربيجان عن يد سماك بن خرشة الأنصاري، والباب عن يد عبد الرحمن بن ربيعة الباهلي. ثم حينما غزا عبد الرحمن هذا بلنجر وهي المدينة البيضاء وراء الباب في بلاد الخزر- وقيل هي بلدة حاجي طرخان وهو الصحيح- غزاها عبد الرحمن بأمر الخليفة عمر ولم يجسر أحد من أهلها على لقائه فهربوا منه واعتصموا في الجبال وقالوا: ما اجترأ علينا إلا ومعه الملائكة تمنعهم من الموت.
ثم تتابعت غزوات المسلمين على الخزر والترك فتذامروا سنة ٣٢ في خلافة عثمان رضي الله عنه وقالوا: كنا لا يقرن بنا أحد حتى جاءت هذه الأمة القليلة فصرنا لا نقوم لها.
فقال بعضهم: إن هؤلاء لا يموتون وما أصيب منهم أحد، فلهذا ظنوا أنهم لا يموتون.