النصف من منارة جامع الحموي، وكأنما انفصل منها شظيّة فصدمت جدار قبلية الجامع المذكور من أعلاه، فغاصت به وثقبته ثقبا منتظما، وخرجت من نجف الشباك وأصابت رجلا يصلي المغرب فقتلته دون أن يبقى لها أثر به، وأصابت رجلا في رجله فلم يمت لكنه بقي في رجله أثر كأنه كي نار. وكانت المنارة قد سقطت على سّواس مارا «١» من تحت القلعة فقتلته أيضا. وفي سنة ١٢٩٣ ولي حلب أمين باشا وفيها حصل بحلب هيضة «٢» ابتدأت من شعبان واستمرت إلى أواخر شوال وبلغت وفياتها اليومية مئة وخمسين نسمة.
وفي ٢٧ ربيع الأول من هذه السنة خلع السلطان عبد العزيز وجلس مكانه السلطان مراد خان، فبقي سلطانا ثلاثة أشهر وثلاثة أيام، ثم خلع وجلس بدله على عرش السلطنة السلطان عبد الحميد خان الثاني. وفي محرّم سنة ١٣٩٤ رفعت رتبة كامل باشا إلى الوزارة وعين واليا على قوصوه. وقبل أن يسافر إليها حوّل إلى ولاية حلب، فقدم عليها في اليوم ال ١٤ صفر واستقام بها سنتين وشهرا. ذكر ذلك في ترجمة حاله وغلط في السالنامة إذ ذكر ولايته سنة ١٢٩٥ وقد اختارني إماما له في صلاة التراويح.
[صدور جريدة في حلب:]
وفيها صدر في حلب جريدة عربية عنوانها «الشهباء» لصاحب امتيازها السريّ الماجد الحاج هاشم العطار المعروف أيضا بالخراط. وقد تولى تحريرها الكاتب البارع المرحوم عبد الرحمن أفندي الكواكبي بمساعدة جماعة من أدباء حلب. غير أن الجريدة ما لبثت سوى أيام قلائل حتى أمر بإبطالها والي حلب كامل باشا المعروف بكراهية صحف الأخبار.
[النفير العام:]
في هذه السنة ١٢٩٤ أعلنت الدولة العثمانية في بلادها النفير العام لمحاربة روسيا.
فحشدت العساكر من جميع بلادها، ومن جملتها حلب التي جندت منها عددا عظيما حتى كادت تخلو من الشبيبة. ولذا أصبحت الحكومة تخشى من قيام الغوغاء للنهب والسلب،