وفي هذه السنة وقع الحريق ليلا بالحوانيت الكائنة تجاه جامع الأطروش والسوق الذي وراءه. فحضر الوالي بنفسه ووقف ونادى مناديه ألّا يقرب الحوانيت إلا أربابها وقطع النار عنها. ثم نادى أن يرفع أهل حلب السقائف المعمولة من البواري «١» لسرعة عمل النار فيها وأن يعملوا السقائف من الخشب. ففعلوا وجدّد في أيامه سقائف لم تكن قبلا حتى ارتفع ثمن الخشب لكثرة العمل بحلب.
[طاعون وغلاء وغيرهما:]
وفي هذه السنة وقع طاعون جارف توفي فيه ما لا يحصى من الأشراف والأعيان والعلماء. وحصل مع هذا الطاعون غلاء عظيم. واحترق نهر قويق بحيث صار الناس يمرون به، وخاف الناس من اللصوص خوفا شديدا بسبب سطوة مصطفى باشا والي حلب، وقامت زوبعة عظيمة قصمت ظهور الناس رعبا. ووقع مطر غزير في عينتاب والناس في صلاة الجمعة فلم يشعروا إلا والسيول حفّت بهم وأغرقت كثيرا من بيوتهم.
وفي سنة ٩٥٢ «٢» قدم إلى حلب عمر بن محمد بن محمد الحصكفيّ الأصل متوجها إلى الباب العالي بقطعة من خشب، ذكر أنها من قدح النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأخبر أن القدح كان في بيت أبيه برمّته فأخذ منه السلطان الغوري نصفه وسيباي نائب دمشق ربعه وبقي منه ربع شرب به بعض أركان الدولة الرومية مستغيثا «٣» به من فالج اعتراه فشفي، فأخذ منه قطعة ثمّ وثمّ «٤» ، إلى أن بقي منه أحد عشر قيراطا طلبها من أبيه السلطان سليمان خان، فأرسلها معه بعد أن رفقه بحجة شاهدة بصحّة أنها من القدح الشريف. ودخل بها الشيخ المذكور إلى الحضرة السلطانية ثم عاد وهو منعم عليه ذاكرا أن ربع القدح الذي كان أخذه سيباي وصل إلى الخزائن المعمورة السليمانية، وجعل في رأس رايته التي تصحبه للجهاد.
وفي أثناء هذه السنة عزل عن ولاية حلب مصطفى باشا ووليها سنان باشا بن عبد الله الخادم الرومي، كان في أول أمره خادما عند السلطان سليم خان.