في أواخر محرّم هذه السنة قتل تعليقا في رحبة باب الفرج- قرب برج الساعة- أحد الشبان، قتل قصاصا منه على قتله غلاما من أسرة كريمة اغتاله في رمضان السنة السالفة. وكان الحامل على قتله إياه غيرته عليه وأمله الاجتماع معه في دار البقاء. والجنون فنون. وفيها جدّت الحكومة بجمع إعانة الأسطول في سائر البلاد الدولة العثمانية وألّفت لهذا الغرض في سلانيك لجنة خصوصية وحضر للحثّ على بذل هذه الإعانة وفد خاص من استانبول جمع لهذه الغاية مبلغا طائلا وكانت هذه الإعانة تجمع منذ سنتين من التجار والمأمورين على أنحاء شتى تؤخذ تارة مشاهرة وأخرى مسانهة «١» . وفيها أسست العدلية في منبج مركز هذا القضاء.
[أول طيارة في جو حلب:]
في شهر ربيع الأول من هذه السنة الموافق نيسان سنة ١٣٢٩ رومية تراءى في سماء حلب لأول مرة طيارة وردت عليها من استانبول، تحمل أستاذين في فن الطيران وهما شابان تركيان غضّا الشبيبة، اسم أحدهما صادق والآخر فتحي، وكان وصولهما إلى حلب وقت الغروب وكانت مهدت لطيارتهما مسافة من الأرض قرب السبيل تجاه جبل البختي، ورشّ في هذه المسافة تراب أبيض، فنزلا بطيارتهما عليها بعد أن حلّقا في الجو برهة. وقد خرج لاستقبالهما والتفرج عليهما كبراء الحكومة والعسكرية وأعيان البلدة وألوف من أهلها.
ولما استقرت الطيارة في الأرض علا لها الهتاف والتصفيق وارتفعت الأصوات بالدعاء للدولة بالفوز والنصر. ثم إنهما أقاما في البلدة بضعة أيام أقيمت فيها لهما المآدب الحافلة ونالا من الناس إكراما زائدا. ثم نهضا من حلب على طائرهما الميمون قاصدين دمشق الشام فوصلا