للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتد هجيره وطاب إبراده، وكالسيف القاطع لان صفحه وخشن حدّاه، خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين. فقال صالح: قد وهبتهم لك أيها الشيخ. فقال أبو العلاء بعد ذلك في اللزوميات هذه الأبيات:

تغيّبت عن منزلي برهة ... ستير العيوب فقيد الحسد

فلما مضى العمر إلّا الأقلّ ... وحمّ لروحي فراق الجسد

بعثت شفيعا إلى صالح ... وذاك من القوم رأي فسد

فيسمع منّي سجع الحمام ... وأسمع منه زئير الأسد

فلا يعجبنّي هذا النفاق ... فكم نفّقت محنة ما كسد

[سنة ٤٢٠ قتل صالح وولده الأصغر وولاية ابنه نصر حلب:]

في هذه السنة جهز الظاهر صاحب مصر جيشا لقتال صالح صاحب حلب، وحسان صاحب الرملة. فاقتتلوا على الأردنّ عند طبرية وقتل صالح وولده وحمل رأسهما إلى مصر، ونجا ابنه نصر فحضر إلى حلب وملكها ولقب شبل الدولة.

وفي هذه السنة خرج الروم من أنطاكية للزحف على حلب، فحاربهم أهلها وهزموهم.

[سنة ٤٢١ خروج ملك الروم من القسطنطينية إلى حلب:]

في هذه السنة خرج ملك الروم من القسطنطينية في ثلاثمائة ألف مقاتل، وقيل في ستمائة ألف، للزحف على الشام، معهم ملك البلغار وملك الروس والألمان والخزر والأرمن والبلجيك والفرنج. ولما اقتربوا من حلب لحقهم عطش شديد ووقع الخلف بين أمرائهم وملوكهم، فرحل الملك وتبعهم شبل الدولة والعرب وأهل السواد حتى الأرمن، يقتلون وينهبون حتى لم يسلم من أموالهم شيء، وأسر جماعة من أولاد ملوكهم. وكان اسم ملك الروم أرمانس. وفي ذلك يقول الأمير أبو الفتح بن أبي حصينة المعرّي قصيدة طويلة، أنشدها شبل الدولة بظاهر قنّسرين، مطلعها:

ديار الحيّ مقفرة يباب ... كأن رسوم دمنتها كتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>