عندهم جوسلين وأحضروه إلى حلب. ولما أسر جوسلين حبسه نور الدين في قلعة حلب وسار لفتح بلاده وقلاعه فملكها، وهي: تل باشر وعين تاب ودلوك وعزاز وتل خالد وقورس والراوندان وبرج الرصاص وحصن الباره وكفر سود وكفر لاثا ومرعش ونهر الجوز وغير ذلك. وفي هذه السنة حضر مجير الدين مع خواصه إلى حلب- وهو صاحب دمشق- ودخل على نور الدين وبذل له الطاعة فأكرمه نور الدين غاية الإكرام وأقامه نائبا عنه في دمشق، فرجع إليها مجير الدين فرحا مسرورا.
[سنة ٥٤٧ انكسار الفرنج عند دلوك:]
فيها احتشد من الفرنج جيش كثيف وقصدوا نور الدين وهو ببلاد جوسلين ليمنعوه عن ملكها، فالتقوا به عند دلوك «١» وجرى بينه وبينهم قتال عنيف انتهى بانهزامهم، وقتل وأسر منهم عدد عظيم، وعاد نور الدين إلى دلوك فملكها.
[سنة ٥٤٩ ملك نور الدين دمشق وغيرها:]
فيها كاتب نور الدين أهل دمشق واستمالهم بقصد أن يملكها خوفا عليها من الفرنج، لأنهم تغلبوا بتلك الناحية وأطلقوا من دمشق من أرادوا إطلاقه من النصارى. فسار نور الدين إلى دمشق وحاصرها ففتحت له من الباب الشرقي، وملكها وحصر مجير الدين صاحبها في قلعتها وبذل له اقطاعا، من جملته مدينة حمص، فسلم مجير الدين القلعة وسار إلى حمص فصرفه نور الدين عنها بمسكنة. وفيها ملك نور الدين قلعة تل باشر من الفرنج.
[سنة ٥٥١ حصار نور الدين حارم ومصالحته الفرنج على نصف أعمالها:]
في هذه السنة حاصر نور الدين قلعة حارم وضيّق عليها. فاجتمع الفرنج وساروا نحو نور الدين، فكتب إليهم بطريق الحصن يعرّفهم بقوة المسلمين ويقول لهم: إن لقيتموهم هزموكم وأخذوا حارم وغيرها، وإن حفظتم أنفسكم منهم قدرنا على الامتناع «٢» . ففعل الفرنج ما أشار به عليهم وراسلوا نور الدين في الصلح، واستقر الأمر بينهم على مناصفة ولاية حارم بين الإفرنج وبين نور الدين.