وقسما من القناة. فشرعوا بتصليحها من حيلان إلى حلب. وفي برهة نحو ثلاثة أشهر تم عملها وسد خللها ورفع ما كان فيها من الوحول والأحجار. ثم أخرج الوالي مقدّرين للبساتين التي تشرب منها لكي ينظروا في مقدار ما يكفيها من الماء، فقدروا لكل بستان كفايته منها وحصروه بأنبوب من الحديد مرصوف بأسفل القناة. ثم عين قواما يحرسونها دائما من تطاول البساتنة وتهدم شيء منها. فغزر ماؤها وملأ الحياض والسبلان القديمة والحديثة، ووصل إلى محلة الفردوس خارج باب المقام.
ثم بعد أن عزل الوالي المشار إليه عن حلب، أخذ ماؤها بالنقص حتى صار يصعب وصوله إلى محلة الفردوس. وتغلب على مائها كثير من أصحاب البساتين، ممن ليس له فيه حق، وقد اعتادت دائرة البلدية أن تجمع في شهر نيسان غالبا من مستحقي ماء القناة مالا تسميه مال القناة، تصرفه على تنظيفها وترميم ما خرب من جدرانها، وفي مدة تصليحها يصرف ماؤها إلى النهر وتخلو البلدة من الماء الجاري، فيستعمل أهلها الماء المدخر في الصهاريج من القناة أو المطر، والبساتين التي تشرب منها تستقي بهذه المدة من الدواليب المالحة ولا تطول مدة تصليحها أكثر من شهر غالبا.
[الاستحقاقات المسجلة في سجلات المحكمة الشرعية]
قرأت في أحد سجلات المحكمة الشرعية في حلب- بيانا فيما تستحقه الجوامع والحمامات والآبار والقساطل ومحلات حلب من ماء قناتها المذكورة. على أن العمل الآن جار على خلافه فلم أر لزوما لإثباته وإنما ألمعت به هنا ليسهل الاطلاع عليه في سجلات المحكمة على من أحب أن يراه. حرر في اليوم العاشر من شوال سنة ١١٣٣.
قناة الكلّاسة والمغاير
يجري إلى هاتين المحلتين قناة رأسها من نهر قويق في بستان إبراهيم آغا أمام الكتاب، فتمر هذه القناة بطابق تحت الأرض إلى أن تظهر في قناة محمولة على جدار في بستان ناصر الدين، وتختفي قليلا، ثم تظهر وتجوز جسر بستان العجمي، وهناك يسمونها بالجران، ثم لا تزال تختفي تارة وتظهر أخرى حتى تصل إلى المحلتين المذكورتين، فتوزع في شوارعهما وتنصرف إلى مصانع مستحقيها. ومنشئ هذه القناة هو (الحاج موسى الأميري) .