لم يقبلوها فخرج من عندهم وتوجه إلى «برصة» ودخلها ليلا واتصل بحاكمها وعرّفه بنفسه، فتحير منه وقال له: ما سبب وقوعك؟ فقال: ضجرت من العصيان، فأوصلني إلى السلطان. فوصله وسأله السلطان بقوله: ما سبب عصيانك؟ فقال ما أنا بعاص إنما اجتمعت عليّ فرق الأشقياء وما خلصت منهم إلا أن ألقيتهم في فم جنودك وفررت إليك فرار المذنبين، فإن عفوت فإنت أهل لذلك، وإن أخذت فحكمك الأقوى. فعفا عنه وأعطاه حكومة طمشوار داخل بلاد الروم، فبقي بها سنة ثم عاد إلى ديدنه الأول وتجاهر بالعصيان فبرز الأمر بقتله وأرسل رأسه إلى باب السلطنة، وكان ذلك في حدود ١٠٢٠.
قال مصطفى نعيما الحلبي في تاريخ الروضتين: إن عشيرة الجانبولاط من عشائر الأكراد في سنجق كلّز في قرب حلب، وإن حسين باشا المقتول- عمّ علي باشا المذكور- هو أكبر رجالهم، وكانت له أعمال تستحق الذكر لأن الدولة العثمانية كانت تأمره بالسفر شرقا وغربا فيسرع الإجابة هو وعشيرته ويبلي في عدوها بلاء حسنا.
قلت: ذكر في «درّ الحبب» في ترجمة أحد أجداد المذكور- على ما أظن- أن أصل هذه العشيرة من جبال القصير وأنهم كانوا في مبدأ أمرهم منحرفين عن السنّة. ذكر في السالنامة أن الوالي في حلب سنة ١٠١٧ حسن باشا، والظاهر أنه تحريف حسين باشا الذي عينه مراد باشا السردار كما تقدم. وذكر في السالنامة أن الوالي على حلب في السنة المذكورة ملك محمد باشا.
[قتل ملحد:]
وفي سنة ١٠١٨ قتل في حلب أبو بكر الأرمنازي، شهد عليه جماعة بالكفر فضربت عنقه تحت القلعة، وجاء الناس بالنفط والقطران وحرقوه حتى صار رمادا. وفيها ولي حلب سنان كجك باشا. وفي سنة ١٠١٩ توفي سنان باشا المذكور بحلب. وفي أوائل سنة ١٠٢٠ ولي حلب قره دده باشا. وفي سنة ١٠٢٤ في شعبان وصل إلى حلب داماد محمد باشا الوزير الأعظم السردار متوجها إلى «وان» فبقي في الميدان هو وعسكره إلى انقضاء الشتاء. وفي ابتداء الربيع رحل عنها وكان ذلك في ربيع الآخر سنة ١٠٢٥ وفيها ولي حلب كمكجي أحمد باشا. ثم في سنة ١٠٢٦ وليها محمود باشا. ثم في سنة ١٠٢٧ وليها قره اقش محمد باشا. ثم في سنة ١٠٢٨ وليها حسن باشا. وفي سنة ١٠٢٩ قدم