إذا كان زيد إمام المسلمين طوى وأخرج من الكتب الشرعية بعض المسائل المهمة الدينية، ومنع الكتب المذكورة وخرق حرمتها وأحرقها، وتصرّف في بيت المال بالتبذير والإسراف بغير مسوّغ شرعي، وقتل وحبس وغرّب الرعية بلا سبب شرعي واعتاد جميع المظالم، ثم حلف اليمين على الرجوع إلى الصلاح وعاهد على ذلك، ثم حنث بيمينه وأصرّ على إثارة فتنة عظيمة وإيقاع قتال يجعل به أمور المسلمين مختلّة اختلالا كليا، ثم وردت الأخبار متوالية من جهات متعددة من بلاد المسلمين يقولون بها إن زيدا المزبور «١» تغلب على منصة المسلمين وإنهم لذلك يعتبرونه مخلوعا، ثم لوحظ أن في إبقائه ضررا محققا وفي إزالته صلاحا؛ فهل يجب على أرباب الحل والعقد تكليفه أن يتنازل عن الإمامة والسلطنة أو يخلع منهما، وهل لهم ترجيح إحدى الصورتين؟
الجواب: نعم.
كتبه الفقير السيد محمد ضياء الدين عفي عنه
[ذكر شيء من سيرة هذا السلطان]
خصصت هذا السلطان بذكر شيء من سيرته لغرابة أحواله ولأنه كان من أجلّ ملوك زمانه وأعظمهم دهاء وأعلاهم كعبا في فنون السياسة، ولأنه آخر سلطان عثماني يستحق أن يسطر له شيء من سيرته في صفحات التاريخ، ولأنه كان حصنا حصينا لدولة بني عثمان مدة سلطنته، فلما خلع أخذت صنوف البلاء تنصب على هذه الدولة يوما بعد يوم حتى تدهورت إلى الدرك الأسفل وكادت تمحى سطورها من صحائف الوجود.
[كم سنة بقي سلطانا:]
كان جلوسه على عرش الخلافة الإسلامية والسلطنة العثمانية مدة اثنتين وثلاثين سنة وسبعة أشهر وسبعة وعشرين يوما وست عشرة ساعة وخمسا وأربعين دقيقة.
قبض هذا السلطان على رقبة ذلك الملك العظيم بيد من حديد طول هذه المدة، ولم