قلت: هذه الحادثة ذكرها في ذيل المختصر في حوادث سنة ٣٦٥ وفي سنة ٣٧٣ كتب بكجور إلى العزيز بمصر أن يوليه دمشق فأجابه. وتسلمها بكجور وانتقل إليها من حمص.
[سنة ٣٧٨ عصيان بكجور وقتله، ووفاة أبي المعالي:]
في هذه السنة عصى بكجور بدمشق، وأرسل العزيز عسكر العزلة، فهرب منها ثم أمّنه العزيز. فسار بكجور إلى الرقة واستولى عليها. وفي سنة ٣٨١ سار بكجور من الرقة لقتال أبي المعالي بحلب. فاقتتلا قتالا شديدا وانكسر بكجور وهرب، ثم أخذ أسيرا في بعض بيوت العرب وأحضروه إلى أبي المعالي فقتله. ثم سار أبو المعالي إلى الرقة وبها أولاد بكجور وأمواله، فحصرها فاستأمنوا فأمنّهم وحلف ألّا يتعرض إليهم ولا إلى مالهم.
فسلّموه الرقة فغدر بهم وأخذ أموالهم وعاد إلى حلب فلحقه فالج في جنبه الأيمن فأحضر الطبيب ومد إليه يده اليسرى، فقال الطبيب: هات اليمنى، فقال: ما تركت لي اليمين يمينا. ومات بعد ثلاثة أيام في هذه السنة، وعهد إلى ولده أبي الفضائل وجعل مولاه لؤلؤا مدبّر أمره.
وفيها استضعف العزيز بالله- خليفة الفاطميين في مصر- أبا الفضائل وطمع في تملك حلب منه، فجهز بقيادة منجوتكين جيشا جرارا، فكتب أبو الفضائل إلى ملك الروم يستعينه على جيش العزيز فأقبل إليه أحد قواده في خمسين ألفا. ولما التقى الجيشان لم يثبت جيش الروم وشدد الجيش المصري الحصار على حلب حتى اضطر أبو الفضائل إلى طلب الصلح من منجوتكين فصالحه على مال دفعه. ولما وصل خبر الصلح إلى الخليفة لم يرضه ذلك وأمر منجوتكين أن يعود إلى حصار حلب فاضطر أبو الفضائل أن يعود إلى الاستنجاد بملك الروم فأقبل إليه بجيش عظيم أجفل منه جيش الخليفة إلى دمشق. ومرّ ملك الروم بحلب فتلقاه أبو الفضائل بالإكرام ثم سار ملك الروم إلى بلاد الشام فهدم وأحرق وسبى.
[٣٩٩ وفاة لؤلؤ وخلفه ابنه:]
فيها توفي لؤلؤ مدبّر أمر أبي الفضائل، وخلفه مرتضى الدولة بن لؤلؤ، وكان ظالما.