كثيرا ما سمعت من الناس أنه كان يجري إلى حلب قناة منبعها في جبل الجوشن. ولم أر من ذكر هذا من المؤرخين لحلب، سوى أني رأيت في درّ الحبب في ترجمة (إبراهيم ابن يوسف الشهير بالحنبلي) ما ملخصه أن إبراهيم هذا كان في سنة ٩٣٦ بذل مالا كثيرا في طلب زيادة ماء العين الكائنة في سفح جبل الجوشن بالقرب من مشهد محسن، حتى ازداد ماؤها واتسعت أرجاؤها وأغنت مجاوريها عن نقل الماء من النهر. واتفق لحجّار، طلبه إبراهيم المذكور يعمل بها، أنه قال: بلغني أنه من عمل بها مات سريعا، ولكني أعمل بها ولا أبالي. فعمل بها فمات سريعا إلى رحمة الله تعالى.
قلت: وقد رأيت هذه العين وليس بها من الماء سوى رشح قليل، وهي في شمالي مشهد محسن، في الجبل، بينها وبينه مرمى حجر داخل مغار مهندمة أرضه بالحجارة.
والذي يظهر أنها كان لها قوة الجريان فينصب ماؤها إلى حويض معدّ لها تجاه باب المشهد المذكور. وهذا الحويض باق أثره إلى الآن، وهو غير الحوض الملاصق هذا المشهد من شماليه الذي تجتمع إليه المياه من المطر.
[قناة من الفرات]
كثيرا ما نقل إلينا الشيوخ عن آبائهم أنه كان يدخل من باب قنّسرين إلى حلب قناة مأخوذة من الفرات، رأسها من بالس المعروفة الآن باسم مسكنة. وقد بحثت عن هذا فلم أظفر له بأصل، سوى أني اطلعت على حاشية لأبي اليمن البتروني ذكرها في خلاصة تاريخ ابن الشحنة قال: فيها كان يدخل إلى حلب قناة من جهة باب قنسرين، وإنه لما عمل الشيخ منتخب الدين ابن الإسكافي المصنع الذي في المسجد شمالي مسجد المحصب.
رأيت هذا الطريق وقد نسيت فاستدللت بذلك على صحة ما قيل.
في سنة ١٣٤١ ادعى جماعة متعددون أنهم مطلعون على قناة مدفونة قرب جبل الجوشن، ومنهم من ادعى أنه مطلع على قناة مدفونة في جهات بساتين الفستق في شرقي حلب. وتعهد كل مدع منهم بأنه يكفي حلب مؤونة الماء من القناة التي اطلع عليها إذا أعطته البلدية امتيازا بها. غير أنهم لم يثابروا على طلبهم الامتياز.