والشجرية، وقليلا ما يحصل ضرر من الريح الشرقية، وقد تضر بعض الزروع إذا هبّت شتاء وتزداد نكاية الحر بهبوبها صيفا، ولربما حشرت الجراد من الشرق.
وأما الريح الجنوبية فهي نادرة عندنا جدا ولا خطر لها إذا هبّت شتاء، وإذا هبت صيفا زادت قوة الحر وجلبت معها السموم.
[تراب حلب]
وأما ترابها فهو من أحسن أتربة البلاد، تنجب فيه جميع الزروع والغروس التي تنجب بالأقاليم المعتدلة. والغالب على لون أتربة حلب البياض والحمرة والخلو من المادة الرملية وكثرة الصلصالية. ويوجد في حلب كثير من البساتين التي تزرع في السنة أربع مرات.
ومع هذا فلا تقصر عن غيرها. والسّرجين العام لتربة حلب فضلات الإنسان والحيوان والنبات ونحو ذلك قال ياقوت في معجم البلدان: وشاهدت من حلب أعمالها ما استدللت به على أن الله تعالى خصها بالبركة وفضّلها على جميع البلاد. فمن ذلك أنه يزرع في أراضيها القطن والسمسم والبطيخ والخيار والدّخن والكروم والذرة والمشمش والتين والتفاح عذيا «١» لا يسقى إلا بماء المطر، ويجيء مع ذلك رخصا غضا ربما يفوق ما يسمى بالمياه والسّيح «٢» في جميع البلاد. وهذا لم أره فيما طوفت من البلاد في غير أرضها.
أقول: ليس ما ذكره ياقوت من أنواع الشجر والنبات فقط يعيش عذيا في حلب، بل هناك أنواع كثيرة من الشجر والنبات الذي لا يعيش في غير تربة حلب إلا سقيا، ويعيش وينجب فيها بعلا «٣» لا يسقى بغير ماء المطر، وذلك كالجوز واللوز والرمان والتوت والفستق والبندق والكرز والكمّثرى، وكاللوبياء والفاولة والبامية والطماطم والباذنجان، وأنواع اليقطين والخروع «٤» والتبغ، وبالإجمال جميع أنواع النباتات الربيعية والصيفية، وكلها تجود وتخصب عذية بقدر جودة فلاحة الأرض وتسميدها وعمقها.
ومن جملة أنواع النبات الذي ينبت بنفسه دون استنبات، ويجود وينبج دون أقل عناية،