في هذه السنة ازداد تصاعد أسعار الحبوب، وبيع رطل الخبز بثلاثة عشر قرشا معدنية.
[عقد شركة إسهام لبيع الحبوب:]
ولما كان السعر آخذا بالصعود يوما فيوما- حتى ربما بلغ حدا يتعذر معه تدارك القوت على الفقير بل على الجهة العسكرية نفسها- رأى القائد العام جمال باشا أن يعمل تدبيرا يأمن بواسطته غائلة فقد القوت بسبب مطامع الزراع والمحتكرين، فدعا إليه- وهو في دمشق- جماعة من الحلبيين تجارا ومزارعين وكلفهم أن يعقدوا فيما بينهم شركة إسهام تقوم بجمع الحبوب وحصرها عندهم وبيعها للأهلين والجيوش عن يدهم. تشتريها هذه الشركة من ذويها بأسعار محدودة من قبل جمال باشا وتدفع ثمنها لهم ورقا نقديا على سعره الأميري، ثم تبيعها بورق نقدي كذلك بربح لا يزيد عن عشرة في المائة، تأخذ الشركة هذا المقدار من الربح لقاء أتعابها ونفقاتها التي تصرفها في سبيل جمع الحبوب ونقلها وإحرازها وغير ذلك من النفقات.
فقبل المدعوون من جمال باشا هذا التكليف واشترطوا عليه عدة شروط: منها أن يرخّص لهم بمصادرة الحب الذي يمتنع صاحبه عن تسليمه بالسعر المحدود أو يخفيه عنهم أو يهربه منهم. ومنها أن يمدّهم بالقدر اللازم من العساكر لحفظ مستخدميهم وإرهاب من يمتنع عنهم في تسليم حبوبه. ومنها أن يعطيهم عددا كبيرا من الوثائق التي يستثنى حاملها من الجندية ليعطوا كل واحد من مستخدميهم في هذه القضية وثيقة يخلص بواسطتها من تعرض الموكول إليهم إلقاء القبض على العساكر الفراريين. ومنها أن يصدر أمره إلى جهة العسكرية بألا تتعرض إلى خانات الحبوب أو إلى أحد من المزارعين في القرى والمنازل، بأخذ ما يوجد عندهم من الحبوب، بل للعسكرية أن تطلب الحبوب التي تعوزها من هذه