الشركة، وعلى الشركة أن تقدم لها كفايتها مهما أعوزها. ومنها أن يسلف جمال باشا هذه الشركة مقدارا كبيرا من الورق النقدي ليستعينوا به على مهمتهم ريثما ينتظم حال الشركة وتقرر قواعدها فيما بين أعضائها. ومنها أن يكون داخلا في منطقة نفوذ هذه الشركة أربعة أقضية، وهي قضاء جبل سمعان والباب ومنبج وإدلب. إلى غير ذلك من الشروط التي قبل جمال باشا جميعها وتعهد للمدعوّين بإنفاذها.
فعادوا المدعوون «١» من دمشق وهم فرحون؛ لأنهم رأوا بمقتضى حسبانهم أنهم يربحون من شركتهم هذه أرباحا طائلة تعد بمئات الألوف من الليرات. ولما وصلوا إلى حلب شرعوا بتعيين المستخدمين وأعدوا مكانا في حلب يجتمعون فيه للمذاكرة في شؤون مهمتهم. فأول خلاف نجم بينهم تنازعهم على الرئاسة، فإن كل واحد منهم يريد أن يكون هو رئيس هذه الشركة. والخلاف الثاني في تقسيم الأسهم: زيد يريد عشرة أسهم، وخالد يريد عشرين، وبكر يريد أربعين. وهكذا قام النزاع بينهم حتى أفضى بين اثنين منهم إلى المشاتمة والمخاصمة، ورفعت قضيتهما إلى المحاكم ثم تداخل بعض عقلاء الشركة فصالحوهما مع بعضهما. وبعد أن مارسوا العمل بهذه الشركة أياما قليلة ونقلوا إلى بعض الخانات مقدارا من الحبوب وتزاحم الناس على شرائها بدأ يظهر لجماعة الشركة من ماجريات الأحوال أنهم عاجزون عن إتمام القيام بتعهدهم، غير قادرين على جمع القدر اللازم من الحبوب:(١) لأن أصحابها في القرى والمزارع قد أخفوا الحبوب عن العيون بأماكن لا يمكن لمستخدمي الشركة أن يهتدوا إليها. (٢) لعدم قيام جمال باشا بتعهده الذي هو إمداده إياهم بالعدد اللازم من العساكر لأجل حماية مستخدميهم وتهديد من امتنع عن تسليم حبوبه. (٣) لقلة الجمّالين والمكارية وغلاء أجرة النقل. (٤) لعدم مساعدة حكومات الأقضية المذكورة مستخدمي الشركة على استحصال الحبوب واستخراجها من عند ذويها.
بل بعض قائمي مقام هذه الأقضية كان يعاكس المستخدمين ويعارضهم بتشددهم على الزارعين. (٥) لقيام جماعة من الزراع للتشكي على بعض مستخدمي الشركة وتذمرهم من ظلمهم وقلة إنصافهم ومعاملتهم الزراع بالضرب والشتم. (٦) لأن الجهة العسكرية كانت تطالب الشركة بالقدر اللازم لها من الحبوب بكل شدة وصرامة، غير مصغية إلى شكواها من صعوبة جمع الحبوب ونقلها. (٧) لإعطاء جماعة الشركة الوثائق التي تخلّص