واضطرت أن تسلّم لعدوّتها دولة اليونان، وأن الطريق الذي يصل برلين بالآستانة قد سده البلغار فتعذّر وصول الامداد بالسلاح والذخائر الحربية التي كانت تأتي إلى الآستانة من برلين والنمسا. وكانت هذه البلية من أعظم أسباب انكسار الجيوش الألمانية في البلاد الشامية وإخلاد تركيا إلى إلقاء سلاحها أمام الدولة البريطانية.
[فحص فضلة المسافر:]
وفي شعبان هذه السنة أعلنت الصحية في حلب بأن كل من يريد السفر على قطار الشام وبغداد إلى جهات دمشق وبيروت والآستانة، وغيرها من البلاد والنواحي التي على هذه الخطين، عليه أن يأخذ من دائرة الصحية وثيقة (بورتور) أي براءة تشعر بسلامته من الأمراض الوبائية. وإذا لم تكن معه هذه الوثيقة يمنع من السفر إلى تلك الجهات.
فكان كل من أراد السفر على قطار سكة الحديد- ذكرا كان أم أنثى- يحضر إلى مكان الصحية فيدخله خدمها إلى الخلاء ويدفع له قارورة صغيرة لها سداد ومعها ملوق صغير، يكلفه بأن يأخذ شيئا من فضلته «١» ويضعه في القارورة، فيفعل ويعيد القارورة إلى الخادم فيكتب اسمه عليها ويأخذها إلى محل التحليل، وبعد يوم أو يومين يعود هذا الإنسان إلى مكان الصحية فيأخذ الوثيقة المذكورة إن كان تبيّن أن فضلته نقيّة من مكروب مرض وبائي، وإلا منع من السفر وأخذ إلى المستشفى. وكان كثير من الناس يستهجنون هذا العمل ولا تطاوعهم نفوسهم على إجرائه، فكانوا يأخذون الوثيقة شراء بريالين أو أكثر، على حسب تحملهم، وبذلك فتح للصحية باب جديد من الرزق ونصب شرك آخر لعرقلة مساعي من أراد السفر؛ لأنه كان يناله تعب زائد في الحصول على تلك الوثيقة علاوة على ما كان يناله من التعب في الحصول على إجازة السفر التي يجب عليه أيضا أن يأخذها من جهة شرطة مخفر محلّته.
[انسحاب الروس من بلاد الأناضول:]
وفيها ورد الخبر بالبرق العثماني أن عساكر الروس قد انسحبوا من بلاد الأناضول التي كانوا استولوا عليها في أواسط هذه الحرب، وهي أزروم ووان وبتليس، وانسحبوا أيضا