وهي اليوم خالية من السكان خاوية من البنيان ومحلها غربي حلب إلى الجنوب في بعد مرحلة عنها تقدر بأربعة فراسخ وكانت مدينة كلدانية ثم رومية قديمة يقال لها شالس وقيل سوريا.
وأما سبب تسميتها بقنسرين فهو أن ميسرة بن مسروق مر بها يوما فقال ما هذه فسميت له بالرومية فقال والله لكأنها قنسرين. قال ياقوت: وهذا يدل على أن قنسرين اسم لمكان آخر. قال الزمخشري: وقنسرين نقل من القنسر بمعنى القنسري وهو الشيخ المسن. اه.
أقول: الذي أراه أن لفظة قنسرين سريانية أصلها قنشرين بالشين المعجمة ومعناها قن النسور لأن الياء والنون في أواخر الكلمات السريانية علامة على الجمع كتل نشين وكفر جبين أي تل النساء وكفر الجباب وقد جرت عادة العرب في الكلمات السريانية على أن تقلب الشين سينا فصارت باستعمالهم قنسرين.
وكانت هذه المدينة قاعدة كورة عظيمة بالشام وطولها ٣٩ درجة و ٢٠ دقيقة وعرضها ٣٥ درجة و ٢٠ دقيقة وكانت حلب من بعض أعمالها وكان بها قلعة لها سور متصل بسور المدينة وكانت هي وحمص شيئا واحدا وفتحت صلحا على يد أبي عبيدة بن الجراح سنة (١٧) وقد روي في الخبر عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «أوحى الله إليّ أيّ هؤلاء الثلاث نزلت فهي دار هجرتك: المدينة أو البحرين أو قنّسرين» . ويقال إن في جبلها مشهدا فيه قبر صالح النبي وفيه آثار أقدام الناقة والصحيح أن قبره باليمن بشيوه وقيل بمكة. ولعل المشهد المذكور من بناء صالح بن علي بن عبد الله بن العباس وربما نسب إلى العيص بن إسحاق.
ولم تزل قنسرين عامرة آهلة إلى سنة ٣٥١ وفيها غلبت الروم على مدينة حلب وقتلت جميع من كان بربضها فخاف أهل قنسرين وتفرقوا في البلاد فطائفة عبروا الفرات وطائفة