وفي اليوم ٢٦ من هذا الشهر أهدى أعيان حلب من المسلمين والنصارى نسخة من كتاب مرآة المجلة إلى حسين توفيق أفندي، حاكم الشريعة الغراء في حلب، مكافأة له على عدله في أحكامه واستقامته وعفّته. وكان جلد هذه النسخة من المخمل الأحمر مزركشا بالقصب الذهبي، وفيه صورة قمر ونجمة مرصعة بالماس مكتوب تحتها بالزركشة هذه العبارة:«تهدى لحضرة الفقيه العلامة فضيلتلو حسين توفيق أفندي، حاكم الشريعة الغرّاء تذكرة من أهالي الشهباء لالتزامه جانب العدل والاستقامة في مدة مأموريته في حلب سنة ١٣٠٣» .
وفي ربيع الآخر من هذه السنة كانت حفلة افتتاح طريق إسكندرونة. وفي غرة جمادى الأولى ورد وسام الامتياز من رتبة مدالية إلى والي الولاية جميل باشا مكافأة له على إكمال تمهيد طريق الإسكندرونة، فجرت له حفلة عظيمة في ذلك اليوم. وفي اليوم الثامن والعشرين رجب المصادف اليوم السابع عشر نيسان سنة ١٣٠٢ رومية وقع في جهة قلعة الروم مطر شديد وبرد كبار، حصل منه سيل أتى على اثنتي عشرة قرية فهدمها، وأهلك سبعين رأسا من البقر وخمسة خيول، ومئة وأربعين من الغنم والمعز، وهدم ثمانية طواحين.
وفي شهر شعبان كان الشروع بتمهيد الطريق الكائن بين كلّز وطريق إسكندرونة وأوله من قرية قاطمة من أعمال كلّز.
[عزل جميل باشا من حلب وما يتعلق به:]
في يوم الثلاثاء ثالث وعشرين ذي الحجة سنة ١٣٠٣ قدم إلى حلب صاحب بك رئيس دائرة المحاكمات في شورى الدولة، ومعه معاون مدعي العموم في تمييز شورى الدولة، وأحد كتاب محكمة تمييز الحقوق في دائرة العدلية. والسبب في قدومهم هو أن الوالي جميل باشا شدّد على جماعة من أغنياء حلب- ومن جملتهم آل الكتخدا- بطلب إعانة لتسديد بدل تحويلات الاستقراض الداخلي، فامتنعوا عن دفع المبلغ المطلوب منهم لأنه فوق ما طلب من أمثالهم، فتوصل بذلك لحبسهم وضيّق عليهم لغرض يقصده، فلم يفعلوا ورفعوا قصتهم إلى الباب العالي والسلطنة السنية، وورد الأمر بإطلاقهم فأطلقوا. ثم انضم إليهم عدة أفراد واسترحموا من الدولة أن تتكرم عليهم بإرسال حكم ينظر في أحوالهم مع الوالي،