لم أطلع في التواريخ الحلبية على ذكر أحوال عمال حلب ونوّابها وكفّالها وولاتها وذكر عاداتهم ومواكبهم سوى أني رأيت في «درّ الحبب» لرضي الدين الحنبلي نبذة في موكب خيري بك فأثبتّها في ترجمته في الباب الثاني.
أحوال الكفّال في أيام الدولة الجركسية
ذكر ابن الشحنة محب الدين أبو الفضل في كتابه نزهة النواظر في روض المناظر نبذة من أحوال كفّال حلب في الدولة الجركسية فأحببت إيرادها هنا ملخصة فأقول: قال:
إن نائب حلب يكون من أعيان مقدمي الألوف بالقاهرة وتارة ينتقل من نيابة طرابلس وربما نقل من حماة. وقد نقل آشق تمر وغيره من دمشق وقد يتناوبان. لكن أكبر نواب المملكة نائب دمشق ثم نائب حلب ثم طرابلس فحماة فصفد.
وقد اعتاد النائب إذا قدم حلب أن ينزل على العين المباركة بعد أن يكون خرج إلى لقائه القضاة والمقدمون إلى خان طومان والمباشرون ويتلقونه غالبا إلى حماة ثم يصبح فيركب من العين المباركة لا بسا تشريفه وتخرج إليه القضاة وجميع الجيش وأرباب المناصب وطوائف المشايخ وأهل الحارات فإذا وصل إلى القلعة نزل عن فرسه ونزل لنزوله حاجب الحجاب وبقية الحجاب الأربعة وتقدم إليه نائب القلعة ومتولي الحجر والنقيب ونزعوا سيفه وحلّوا حياصته «١» فيصلي ركعتين وهو محلول الوسط وحياصته في عنقه وسيفه بيد والي الحجر.
ثم يتقدم إليه العلم السلطاني فيقبله ويقبل الأرض ثم يركب ويدخل إلى دار النيابة فيقرأ تقليده بحضرة القضاة والمباشرين وهو واقف على قدميه. وكلما ذكر الاسم الشريف السلطاني أو ذكر ثناء السلطان عليه في التقليد يأمره حاجب الحجاب بتقبيل الأرض ثم يفيض على أرباب المناصب خلعا سنية بحسب مراتبهم «٢» وقارىء التقليد هو كاتب السر ويكون على كرسي منصوب له واقفا عليه.