فيها توفي الملك المجاهد شيركوه صاحب حمص وقد استقام ملكا عليها ٥٦ سنة واستقر بالملك بعده ابنه الملك المنصور إبراهيم.
[سنة ٦٣٨ وصول الخوارزمية إلى حلب وما جرى من الحوادث إلى سنة ٦٤١]
الخوارزمية طائفة من المسلمين الساكنين في بلاد خوارزم، هربوا من بلادهم حينما استولى عليها جنكز خان وجاؤوا إلى هذه البلاد وقويت شوكتهم وملكوا بعض مدن وقصبات، وظاهرهم بعض ملوكها للاستعانة بهم على نواياه. وفي هذه السنة أعني سنة ٦٣٨ سار الخوارزميون إلى حلب فخرج إليهم عسكرها مع الملك المعظم توران شاه بن صلاح الدين، ووقع بينهم القتال فانهزم الحلبيون وقتل منهم خلق كثير، منهم الملك الصالح ابن الملك الأفضل بن صلاح الدين، وأسر مقدّم الجيش الملك المعظم توران شاه المذكور.
واستولى الخوارزميون على أثقال الحلبيين وأسروا منهم عدّة وكانوا يقتلون الأسير ليشتري غيره نفسه منهم.
ثم نزل الخوارزميون على حيلان وكثر عيثهم «١» في بلاد حلب، وجفل أهل الحواضر والبلاد ودخلوا مدينة حلب واستعدوا للحصار، وارتكب الخوارزميون من الزنى والفواحش والقتل ما ارتكبه التتر في بلادهم. ثم ساروا إلى منبج وفعلوا فيها من القتل والنهب مثلما تقدم ذكره. ثم رجعوا إلى بلادهم وهي حرّان وما معها، بعد أن خربوا بلد حلب. ثم رحلوا من حرّان وقطعوا الفرات إلى الجبّول ثم إلى تل عزاز، ثم إلى سرمين ثم إلى المعرة، وهم ينهبون ما يجدونه.