فيها مدّ السلك البرقي من حلب إلى الباب. وفيها- في أوائل آب- فتح في المكتب الإعدادي الملكي- الكائن في محلة الجميلية ظاهر حلب- معرض عام لتشهير البضائع التجارية والصناعية الوطنية: كالمنسوجات القطنية والحريرية والقصبية الفضية، والمصنوعات التطريزية والغلات الزراعية والحيوانية، والمصوغات الفضية والذهبية، والعروض الخفافية والسراجية والحديدية والنحاسية، والنجارية والترابية والدباغية والعطرية، من حلب وأكثر البلدان الكبار في ولايتها كعينتاب والرها ومرعش. وزيّن المكتب داخلا وخارجا بالرايات وأنواع السجّاد- الذي هو من مصنوعات حلب- والقطع الجميلة، وأنير في الليل بالأضواء الساطعة، وأقيمت في رحبته الألعاب التريّضية المعروفة باسم (جيمنستق) ، وفي الليل الخيالية المعروفة باسم (سينه توغراف) وهرع إليه الناس من حلب وغيرها، واستمر مفتوح الأبواب كذلك مدة شهر وزيادة، والبضائع التي حازت فيه قصب السبق وصارت محل إعجاب الجميع هي منسوجات حلب. وقد أخذت فيه غرفة لعرض مصنوعات مكتب الصنائع، فأقبل الناس على شرائها باليانصيب فراجت وربحت. ثم زاحمني على الغرفة نجيب بك ابن الوالي، أخذها مني لرجل يعينه على فجوره، فاستأت من هذا العمل واستقلت من مديرية المكتب. وبلغ الخبر والده فاستاء منه وزجره واسترضاني فعدت إلى إدارة المكتب.
وفيها في آب سنة ١٣١٩ ظهر في حلب مرض مشكوك به ثم تحقق الأطباء أنه مرض الهواء الأصفر، وكان قبلا ظهر في دمشق وفتك في أهلها فتكا ذريعا، وزحفت جراثيمه إلى حماة ومنها إلى جسر الشغر وإدلب والبيرة وكلّز وعينتاب، ثم ظهر في حلب وأحصي عدد من مات فيها في برهة أسبوع فكانوا أحد عشر شخصا. فاهتمت الحكومة في قضية الكنس والرشّ وتنظيف الشوارع والأزقة من القمامات والأقذار. وكان قبل أيام من ظهوره وصل إلى حلب طبيب ألماني اسمه فونسكي أفندي، ومعه عدد من الأطباء أمر