للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن محيط سور هذه المدينة يبلغ نحو ثمانية أميال «١» ، وأما محيطها خارج السور فربما زاد على خمسة عشر ميلا. ونهرها المعروف بنهر قويق وافد عليها من جهة شمالها آخذ إلى جنوبها وغربيّها ساقيا ما على حافتيه من البساتين التي تستوعب مسافة أربع ساعات طولا من قرية حيلان إلى منتهى أراضي قرية الوضيحي. وإذا نظرت إلى المدينة وأنت مقبل عليها من أي جهة كانت، تراءت لك عروسا من عرائس البلدان، قد حفّتها البساتين من غربيها وبعض شماليّها. وكروم العنب وبساتين التين والفستق والزيتون من بقية جهاتها. وقام في وسطها قلعتها المشهورة كملك عظيم، حفت به الجواري الحسان التي هي منارات المدينة البديعة المنظر، خصوصا في ليالي المواسم الدينية، فإنها تكون فيها منوّرة بالمصابيح التي تحاكي النجوم الزواهر. وربما تتراءى القلعة المذكورة وبعض المنارات من بعد ثلاث ساعات من أكثر الجهات التي تقبل منها على حلب. وقد تشاهد منارة القلعة وقت الغروب من جبل الزاوية الواقع على سفحه قصبة ريحا.

[ساحات حلب وخراباتها]

يوجد في مدينة حلب عدة ساحات، أعظمها «ساحة برية المسلخ» خارج باب النيرب، شرقّي الخندق الرومي الذي كان محيطا بسور البلدة. وقد عمر الآن في بعض جوانبها بيوت ودكاكين وفرن ومسجد وميدان. وهذه الساحة هي سوق تجار الغنم والجمال.

ومن الساحات المشهورة: «ساحة الملح» وكانت تسمى الميدان الأسود. وهي داخل باب النيرب تجاه جامع ألتون بغا. «وساحة بزّي» داخل باب المقام وقد عمر أكثرها دورا وحوانيت متنوعة. «وساحة التّنانير» خارج باب النصر في قرب حارة الجديدة إلى شرقيها وغربي قسط المشط. وهذه أيضا عمر أكثرها ولم يبق منها إلا القليل. ويوجد بمدينة حلب عدة خرابات فسيحة خربت من مرور الحوادث كالزلازل والحرائق، وأعظمها خرابة تحت القلعة تبلغ مساحتها زهاء خمسين ألف ذراع شطرنجي. وكانت مزدحمة بالأبنية العظيمة كالحمامات والخانات والمدارس والمساجد. كما ستقف عليه في باب الآثار إن شاء

<<  <  ج: ص:  >  >>