وسمع بذلك أحمد بك قطاراغاسي فأسرع الحضور إلى الوالي وأعطاه المائتي ذهب، فسر منه وقرّبه إليه وحقد على نعمان أفندي. ثم وشى واش بنعمان أفندي إلى السلطان بأنه يحاول إثارة فتنة بين الأشراف- وكان هو نقيبهم- وبين اليكجرية. فأصدر السلطان إلى بهرام أمرا باغتياله. فأرسل إليه يطلبه فامتثل الأمر وخرج من منزله قاصدا منزل الوالي وهو لا يعلم بما أضمر له. ولما وصل إلى منزل الوالي كانت الخيول واقفة بانتظاره، فأمره الوالي بركوب أحدها موهما إياه بأنه يريد قمع بعض الفلاحين في جهات كلّز لأنهم في صدد الفتنة. فسارت الخيول بهما وبمن معهما من الجند حتى وصلوا إلى قرية تل الشعير من أعمال كلّز وهناك نزل الوالي ومن معه- وكان وقت الظهر قد مضى- فابتدر نعمان أفندي أداء فريضة الصلاة فتوضأ ووقف يصلي فما شعر إلا وقد خرط في رقبته حبل معقود، واثنان يشدان طرفيه حتى زهقت نفسه. فتركوا جثته ملقاة في العراء، وعاد الوالي ومن معه إلى حلب. وشاع الخبر فخرج أهل نعمان أفندي وواروا جثته هناك.
وفي خامس جمادى الأولى من هذه السنة ١٢٣٨ ولي حلب حسن باشا الدرنده لي، والي الأناضول. وفي الثالث والعشرين من رمضان سنة ١٢٣٩ وليها محمد أمين وحيد باشا، وهو مولود في كلّز.
[لقاح الجدري البقري:]
في سنة ١٢٤٠ وصل لقاح الجدري البقري إلى حلب عن يد طبيب من الفرنج المولودين في حلب اسمه منتوره، وأصله من إيطاليا. فلم يقبل أهل حلب على هذا اللقاح كما ينبغي إلا بعد دخول إبراهيم باشا المصري إلى حلب. وأصل هذا اللقاح كان ظهوره في البلاد العثمانية من الأناضول، اكتشف بواسطة الفلاحين الذين يقتنون البقر ويعانون حلبها. وفي سنة ١٢٤١ كان إلغاء حزب اليكجرية وانقراضهم.
[نبذة في الكلام على هذه الطائفة]
قال في دائرة المعارف وغيرها ما خلاصته: كانت عساكر الدولة العثمانية في بدء تأسيسها رجالا يتخذون القتال واسطة لاكتساب معايشهم، منتقلين بجميع ما لهم من المال والعيال عند الخروج للغارات والغزوات. ثم صار إذا حاربوا أياما قليلة ولم يفوزوا