حلب. وقد اتصلت الزلازل في كل أسبوع مرتين وثلاثة إلى ليلة الاثنين سادس ربيع الثاني فزلزلت بعد العشاء المحالّ المذكورة بأسرها واستقامت بدمشق ثلاث درج، وخرب غالب دمشق وأنطاكية وصيدا وقلعة البريج.
ولم تزل الزلازل متصلة إلى انتهاء السنة المذكورة. ثم أعقبها بدمشق وقراها- وما والاها- طاعون جارف غمرت غالب مساجد دمشق التي هدمتها الزلزلة من وصايا الأموات في هذا الطاعون «١» وفي سنة ١١٧٤ توفي عبد الله باشا فراري في حلب ودفن بتكية الشيخ أبي بكر، ووليها مكانه بكر باشا وكان يعرف ببكر أفندي أمين المطبخ.
وفي سنة ١١٧٥ ولي حلب مصطفى باشا الصدر الأسبق وكان مقيما في مصر بلا منصب، وولي مصر بكر باشا والي حلب قبله، وفيها وقع بحلب طاعون شديد بلغت وفياته اليومية مائة وتسعين نسمة. وفي الرابع والعشرين من ربيع الآخر سنة ١١٧٧ أسند لمصطفى باشا منصب الصدارة فسافر إلى استانبول.
[ولاية محمد باشا العظم حلب وإبطاله بدعة الدومان وغيرها:]
وفي هذه السنة ولي حلب محمد باشا بن مصطفى باشا بن فارس بن إبراهيم، الشهير بعظم زاده، نقل إليها من ولاية طرابلس الشام ودخلها في رابع عشر شعبان. وكانت مجدبة فحصل بقدومه كثرة أمطار ورخاء أسعار ورفع عن أهلها من البدع ما كان ثلما في الإسلام. فأثلج بذلك الصدور وأحيا معالم السرور، منها منكر كان حدث بها سنة ١١٧١ وذلك أنه جرت العادة في بعض محلاتها أن تفتح حانات القهوة ليلا ويجتمع بها أوباش الناس إلى أن زاد البلاء وفجرت النساء، مع ما انضم إلى ذلك من شرب الخمور وفعل المنكرات وأنواع الفساد، فحانت منه التفاتة إلى ذلك فقصده متخفيا وأزاله في ثاني يوم، حيث نبه على الحانات ألّا تفتح ليلا.
ومن جملة ما رفع من المظالم بحلب أيضا بدعة الدومان عن حرفة الجزارين وكان حدوثه بحلب سنة ١١٦١ والدومان اسم لمال يجمع من ظلامات متنوعة، يستدان من بعض الناس بأضعاف مضاعفة من الربا ويصرفه متغلبو هذه الحرفة في مقاصدهم الفاسدة. وطريقتهم