معسكره ومر بطريقه على جماعة من تلك الجموع أسروا وعجزوا عن الهرب فبرّهم وزوّدهم. وأقام بتدمر يومين وبثّ الخيل ليتعرف أخبارهم فظفرت خيوله بمال منقطع وأقوام فصفح عنهم ورحل نحو أركة ثم نحو السخنة ثم نحو عرض والرصافة والرقة فتلقاه أهلها. ثم نحو حلب فوصل إليها يوم الجمعة لست خلون من شهر ربيع الأول من هذه السنة فقال أبو الطيب يمدحه ويذكر ما جرى:«تذكّرت ما بين العذيب وبارق»«١» .
مسير سيف الدولة إلى الدّمستق في حصن الحدث:
في جمادى الأولى من هذه السنة نهض سيف الدولة إلى الثغر لما ورد عليه من الدمستق وجيوش النصرانية قد نزلوا على حصن الحدث ونصبوا عليه مكايد، وقد أنجدهم ملكهم بأصناف العسكر من البلغر والروس والصقلب في عدد وعدد، فسار سيف الدولة من حلب فلما قرب من الحدث رحل العدو إلى حصن رعبان. وخرج أهل الحدث وأخذوا آلة سلاح العدو وأعدّوه في حصنهم، وعاد سيف الدولة إلى حلب فقال أبو الطيب «ذي المعالي فليعلون من تعالى»«٢» .
أقول: ذكر العكبري أن هذه الحادثة كانت في سنة ٣٤٠ وهو غلط والصواب أنها كانت في هذه السنة وهي سنة ٣٤٤.
[سنة ٣٤٥ غزو سيف الدولة الروم:]
في الحاشية المذكورة ما خلاصته:
أن سيف الدولة غزا من حلب ومعه أبو الطيب، وقد أعدّ الآلات لعبور أرسناس، فاجتاز بحصن الران ثم اجتاز بحيرة سمنين ثم بهنريط. وعبرت الروم والأرمن أرسناس وهو عظيم الجرية والبرد، فسبح الخيل حتى عبرته خلفهم إلى تل بطريق وهو مدينة لهم، فغرق جماعته وأحرق تل بطريق وقتل من وجد فيها. وأقام أياما وعقد بها سمريّات «٣» ليعبر السبي