سكك الحديد أو بغير طريقة. وربما اشتروا بالورق أموالا من استانبول أو مملكة النمسا أو بلغاريا وأحضروه إلى بلادهم كذلك. وقد يشترون بالورق من بلدة أجنبية أموالا تجارية لا يمكن إحضارها في إبان الحرب فيبقونها في تلك البلاد إلى أن تنتهي الحرب فيحضرونها.
وقد يشترون بالورق العثماني المذكور أوراقا مالية أجنبية ويبقونها في أيديهم إلى ما بعد الحرب فيربحون منها مبالغ طائلة. مثلا: يشترون بثلاثة «١» ورقات عثمانية من أوراق المائة قيمتها التجارية الحاضرة ٧٥ قرشا ورقة إمريكانية قيمتها ١٠٠ قرش إلا أنها لا رواج لها الآن بين تجار البضائع في البلاد العثمانية فيبقونها محفوظة عندهم إلى انتهاء هذه الحرب، ثم يصرفونها في شراء بضائع من البلاد التي يروج فيها الورق الأميركاني فيربحون منها أرباحا عظيمة.
[الورق النقدي وحالة مرتزقة الحكومة:]
ارتفعت أسعار أكثر البضائع الوطنية في مدة طويلة من أيام هذه الحرب إلى عشرين ضعفا عما كانت عليه قبلها. كان رطل الدقيق الجيّد قبل الحرب يباع بثلاثة قروش، فصعد سعره في أثنائها إلى ستين قرشا ذهبية أو فضية. أما البضائع الغربية فمنها ما ارتفع سعره عشرين ضعفا، ومنها ما ارتفع أكثر من ذلك، كالسكر فإن سعره ارتفع قريبا من أربعين ضعفا، كان الرطل يباع منه قبل الحرب بسبعة قروش فبيع في أثنائها بنحو ثلاثمائة قرش.
وهكذا كان الحال في كثير من البضائع الغربية كالمنسوجات وأنواع الحرير والعقاقير والبترول وغيرها. وبسبب غلاء البضائع على هذه الصفة تضرر مرتزقو الحكومة من هبوط أسعار الورق أكثر مما تضرر به غيرهم. مثلا كان المأمور المستخدم الذي راتبه الشهري ستمائة قرش- أي راتبه كل يوم عشرون قرشا أميرية- وعياله سبعة أشخاص يعيش بهذا الراتب قبل هذه الحرب عيشة رضية؛ لأنه يكفيه في اليوم رطل من الدقيق قيمته ثلاثة قروش، والباقي من راتبه- وقدره سبعة عشر قرشا- يصرفها في باقي حاجاته من الأدم والكسوة والوقود والاستصباح والحمّام وأجرة المنزل، وغير ذلك من النفقات الضرورية.
وكانت الحكومة تدفع ليرة الذهب العثماني على سعرها الأميري وهو مائة قرش، وقيمتها الرائجة في التجارة مائة وسبعة وعشرون قرشا ونصف القرش. فكان معاشه الشهري- الذي هو ستمائة قرش- يبلغ سبعمائة وخمسة وستين قرشا رائجة. والمعاملة بين الأهليّين