ثم يوجد ثريا أخرى عظيمة جدا في غاية الحسن وإتقان الصنعة وكلها من البلور النقي المثمن، معلقة في سقف قبة القاعة بسلسلة نصفها الأعلى منم الفضة ونصفها الأسفل من جنس بلور الثريا. ويبلغ طول هذه الثريا البديعة الصنعة نحو ٤٠ ذراعا ومحيط دائرتها الوسطى نحو ثلاثين ذراعا. وهي مركبة من دوائر عديدة مختلفة القطر في الكبر، قد ركب بعضها فوق بعض بترتيب يناسب كبرها وصغرها، فإنك ترى قطر دائرتها السفلى أكثر من ذراع، وما فوقها من الدائرة يزيد قطرها درجة عما تحته. وكلما ارتفعت الدوائر يزداد قطرها بنسبة بعدها وارتفاعها، وتكبر بالتدريج حتى يبلغ قطر الدائرة الوسطى منها نحو ثلاثين ذراعا، ثم تأخذ الدوائر بأن تصغر بالتدريج حتى يصير قطر أعلى دائرة كقطر الدائرة السفلى. وفي هذه ما ينيف على ألفي مشعل لإيقاد نور الغاز الهيدروجيني، وعلى كل مشعل بلورة منقوشة في شكل قبع جعلت منعا لنفوذ الغاز من أنابيبه قبل الإشعال.
ثقل هذه الثريا (٨٥٠٠) أقة. اشتغل في تركيبها بالقاعة رجل أوربي نحو سنتين وكان راتبه الشهري ثلاثين ذهبا عثمانيا، وكانت الثريا صنعت في أوربا ونقلت إلى القاعة قطعا ثم ركبت.
أرض هذه القاعة مفروشة بتقاطيع خشب السنديان المصقول والمصبوغ بصباغ يحكي لون خشب الجوز. ويفرش الخدم القاعة يوم المعايدة سيورا من الطنافس الثمينة المنسوجة في المعمل السلطاني، يبلغ عرض كل سير منها نحو ذراع ونصف الذراع، ليمشي الزوار عليها وقاية من الزلق على خشب أرض القاعة المجلوّ جلوا صقيلا. أما سقف القبة وجميع جدران القاعة فمنقوش بالقلم والألوان نقوشا جميلة بديعة الصنعة، وفي الشقة العليا من القاعة أربعة أطناف «١» أحدها تجاه العرش يقف فيه جماعة الموسيقى السلطاني، والآخر عن يمين العرش مختص بسفراء الدول الأجنبية وحواشيهم الذين يقصدون التفرج على رسم المعايدة من ذلك العلو الشاهق، وقد أعد لهم من كرم السلطان مائدة عظيمة عليها من المأكول والمشروب والأقراص الحلوة أشكال وأفانين.
[وصف المعايدة:]
قال الأستاذ الصابنجي: ولما فرغ السلطان من إيفاء سنّة الأضاحي مشى إلى غرفة