اعلم أن مدينة حلب جديرة أن تعد في مقدمة المدن العظيمة لحسن منظرها وحصانتها وتموّل أهلها وكثر تجارتها وعمرانها. وكانت ولم تزل محطّ رحال قوافل دمشق والبصرة وأصبهان وإسلامبول. وهي من أمهات مدن بر الشام وإحدى المدن الأصلية في أواسط آسيا. وولاية حلب تأخذ القسم الأعظم من سوريا. والقسم الذي هي فيه يسمى عند القدماء سوريا كوماجان. أي سوريا ذات الهضاب. ثم إن مدينة حلب يحدّها قبلة أراضي قرية الشيخ سعيد وصقلاية، وشرقا أراضي قرية النيرب، وغربا جبل الجوشن «١» ، وأراضي الحلبة وراء نهر قويق، وشمالا بساتين بابلي وبعاذين التي تنتهي إلى أراضي قرية حيلان. وهي واقعة في صعيد ينتهي طرفه الشمالي إلى جبال الشيخ زيات، والغربي إلى جبل الجوشن، والجنوبي إلى جبل الحوشن، والجنوبي إلى جبال الأحص «٢» ، وتبعد نهاية طرفه الشرقي. والبقعة التي قامت فيها أبنية مدينة حلب من هذا الصعيد يوجد فيها بعض ارتفاع وانخفاض من جهات متعددة ويصح أن يطلق على ما نشز «٣» منها اسم ربوة.
ويمكن حصره في سبع ربوات وهي: قلعة الشريف، وعقبة بني المنذر، عقيبة الياسمين، وغربي حارة الجلّوم، ومحلّة أوغل بك المعروفة أيضا باسم باب الأحمر، والكلتاوية، وبندرة اليهود. على أن الجهة الجنوبية والشمالية من هذه البقعة متوازيتان بالارتفاع، ولربما زادت جهتهما الشمالية على جهتهما الجنوبية ارتفاعا. وهاتان الجهتان تأخذان بالانحطاط حتى يستقر قرارهما في محلة الجلّوم وما قاربها من المحلات الداخلة في السور، سيّما الجامع الأموي، فإنه في مطمئن عظيم، كما هو مشاهد. وادعى بعض الناس أن رأس منارة الأموي يوازي عتبة باب محلة أوغل بك.