أخذت بالعمران وصارت قرية كبيرة. وكانت بلدة قديمة لها حصن بناؤه بالحجر الأسود الصلد على سيف «١» البرّية. وكانت من كورة حمص وبلاد بني أسد وسميت باسم بانيها خناصرة بن عمر خليفة الأشرم صاحب الفيل. وفي خناصرة يقول عدي بن الرقاع العاملي وقد نزل بها الوليد بن عبد الملك ووفد عليه:
وإذا الربيع تتابعت أنواؤه ... فسقى خناصرة الأحصّ وزادها «٢»
نزل الوليد بها فكان لأهلها ... غيثا أغاث أنيسها وبلادها
[نبذة في أخبار عمر بن عبد العزيز]
وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه تديّر خناصرة «٣» ، وتوفي سنة (١٠١) في دير سمعان ودفن به. روي أن صاحب الدير دخل على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في مرضه الذي مات فيه بفاكهة أهداها له فأعطاه ثمنها فأبى الديراني أخذه. فلم يزل به عمر حتى قبض ثمنها ثم قال له عمر: يا ديراني بلغني أن هذا الموضع ملككم. فقال:
نعم. فقال: إني أحب أن تبيعني منه موضع قبر مدة سنة فإذا حال الحول فانتفع به.
فبكى الديراني وحزن وباعه موضع قبر بأربعين درهما فدفن به. ثم إن المسلمين اشتروا جميع الدير وأبقوه مدفنا لعمر رضي الله عنه وقال فيه بعض الشعراء يرثيه:
قد قلت إذ أودعوه الترب وانصرفوا: ... لا يبعدنّ قوام العدل والدين
قد غيّبوا في ضريح الترب منفردا ... بدير سمعان قسطاس الموازين
من لم يكن همّه عينا يفجّرها ... ولا النخيل ولا ركض البراذين
وقال كثيّر «٤» :
سقى ربّنا من دير سمعان حفرة ... بها عمر الخيرات رهن، دفينها
صوابح من مزن ثقالا غواديا ... دوالح دهما ما خضات دجونها