فبلغها في الشعانين فجاهر بالاتفاق مع الكنيسة الرومانية. وقيل إنما فعل ذلك تخلصا من التتار. وهذا القول غير صحيح.
[الكثلكة في حلب]
قال صاحب كتاب عناية الرحمن ما حاصله: ثم في سنة ١٦٢٦ م/ ١٠٣٦ هـ افتتح رسالة الكثلكة في حلب الرهبان الكبوشيون. ثم في سنة ١٦٦٧ م/ ١٠٧٨ هـ حضر إلى حلب الرهبان الكرمليون ثم اليسوعيون. وكان المسيحيون في حلب على قول بعضهم ٢٠ ألفا وقيل ٤٠ ألفا. وهم أربع طوائف: الروم والأرمن والسريان والموارنة. فلاقى أولئك المرسلون مصاعب جمة لجهلهم اللغة ولتمسك رؤساء تلك الشيع بعوائدهم ومذاهبهم ونفورهم من المرسلين بل إشهارهم الحرب على رعاياهم إذا انتموا إليهم. غير أن أولئك المرسلين لم تكن تلك المصاعب تثني عزمهم فقد كانوا يذهبون خفية إلى البيوت ويتفنّنون باتخاذ أساليب لاستمالة أهلها إلى الكثلكة اه.
قلت: ومن ذلك الحين بدأت الكثلكة تنتشر في مسيحيّي حلب، وكثر المنحازون إليها وأخذ الشرّ يتفاقم بين الشعبين إلى أن كان ختامه المقتلة التي حدثت سنة ١٨١٨ م ١٢٣٤ هـ كما ألمعنا إلى ذلك في حوادث السنة المذكورة من باب الحوادث.
[الطوائف المسيحية في حلب]
الطوائف المسيحية الآن في حلب سبع طوائف: الأولى الروم، وكانت منقسمة إلى فئتين إحداهما تدين بالكثلكة. وفي حدود سنة ١٧١٠ م/ ١١٢٢ هـ انفصلتا عن بعضهما فصارتا طائفتين تدعى إحداهما بالروم الكاثوليك أو بالملكيين، والأخرى بالأرتودكسيين أو الروم العتق. الطائفة الثانية الأرمن. وكانوا أيضا فرقتين إحداهما تميل إلى الكثلكة وفي حدود التاريخ المذكور انفصلتا عن بعضهما فصارتا طائفتين إحداهما تدعى بالأرمن الكاثوليك والأخرى تدعى بالأرمن العتق. الطائفة الثالثة السريان وكانوا يعرفون باليعاقبة فانحازوا إلى الكثلكة في التاريخ المذكور تقريبا. ولم يبق منهم على المذهب اليعقوبي سوى بضعة بيوت، ثم صار يقدم منهم من بلاد الجزيرة وما والاها بعض بيوت كبار واتخذوا لهم قسيسا وبيتا يقيمون فيه شعائر دينهم. الطائفة الرابعة الموارنة وكلهم من الكاثوليك.