في سلخ ربيع الأول سنة ٥٧٠ ملك صلاح الدين بن أيوب مدينة دمشق وحمص وحماة. وسببه أن شمس الدين بن الداية المقيم بحلب أرسل لسعد الدين كمشتكين دزدار «١» قلعة الموصل من قبل المرحوم نور الدين إلى الملك الصالح يستدعيه من دمشق إلى حلب لإخماد الفتن التي قامت في حلب بين الشيعة وأهل السنة، وليكون مقامه في حلب.
فسار الملك الصالح مع سعد الدين المذكور إلى حلب. ولما استقر بها قبض على شمس الدين ابن الداية الذي طلبه، وقبض على إخوته وعلى رئيس الشيعة ابن الخشاب وإخوته. واستبد سعد الدين كمشتكين بتدبير الملك الصالح فخافه أتابكه الأمير شمس الدين محمد بن المقدم وبقية الأمراء في دمشق وكاتبوا صلاح الدين بن أيوب صاحب مصر ليملّكوه دمشق، فأقبل إليهم على الفور وسلّموه إياها دون أدنى مشقة.
ولما سمع من في حلب أن دمشق صارت لصلاح الدين خافوا منه وأرسلوا يهددونه فلم يأبه بتهديدهم ونادى بعسكره بالاستعداد لقصد الشام الأسفل، ورحل متوجها إلى حمص فتسلمها ثم إلى حماة فأطاعه صاحبها جرديك، والتمس منه أن يكون واسطة صلح بينه وبين أهل حلب، فأجابه صلاح الدين إلى ذلك فجدّ جرديك إلى حلب واجتمع بالملك الصالح والأمراء وأشار عليهم بصلح السلطان صلاح الدين، فاتهموه بالمخامرة معه «٢» ، وحبسه سعد الدين كمشتكين مدبر الملك مع أولاد الداية المقدم ذكرهم، فبلغ الخبر السلطان وهو بحماة فرحل من وقته وسار إلى حلب ونزل على أنف جبل الجوشن فوق مشهد الدكّة «٣» ثالث جمادى الآخرة، وامتدت عساكره من الخناقية إلى السعدي، فخاف الحلبيون أن يسلموه البلد كما فعل أهل دمشق فأمر الملك الصالح أن ينادى باجتماع