حكومة إنكلترة في بطرسبرج. وهو أن يؤكد على حكومته أن تنضم إلى روسيا وفرنسة وتعضدهما في أعمالهما. فأجاب سفير إنكلترا على ذلك بقوله أن ليس لحكومته مصالح في السرب تقضي عليها اتخاذ هذه الخطوة، ثم إن الرأي العام الإنكليزي لا يمكن أن يقنع بوجوب اشتراك حكومته في هذه الحرب من أجل السرب فقط. فعند ذلك رد عليه ناظر خارجية روسيا بقوله: يجب علينا ألّا ننسى أننا في الحقيقة واقفون أمام المسألة الأوربية الكبرى، وما أمر السرب إلا جزءا يسيرا «١» منها. وأنا أظن أن إنكلترا لا يحسن بها أن تضيع الفرصة وتتغاضى عن المسألة التي نحن بصددها. اه.
أقول: من قرأ هذه المناقشة وأمعن النظر في فحواها علم علم اليقين أن هذه الحرب مدبرة قبل حادثة الاغتيال، وأن هذه الحادثة كانت سببا لتعجيل الحرب لا سببا لوجودها كما أسلفنا بيانه.
[نبذة من الكلام على تضخم إيمبراطورية ألمانيا:]
إن الأمة الألمانية ارتقت من بين الأمم الغربية المتمدنة الذروة العليا في جميع حاجيات الحياة. فكما أنها أحرزت قصب السبق في فنون الحرب ومهماته ومعدّاته، فقد حازت القدح المعلّى من فنون الاقتصاديات على كثرة أنواعها، ونالت النصيب الأوفر من العلوم الاجتماعية والسياسية وفنون الطب وحفظ الصحة التي بواسطتها لم تزل مواليدها بالنسبة إلى وفياتها آخذة بالازدياد يوما فيوما. كان عدد نفوس الإيمبراطورية الألمانية سنة ١٨١٦ م/ ١٢٣٢ هـ يقدر ب (٢٥) مليونا. ثم في سنة ١٨٧١ م/ ١٢٨٨ هـ بلغ عدد نفوسها (٤١) مليونا. ثم في سنة ١٨٨٨ م/ ١٣٠٦ هـ بلغ (٤٨) مليونا. وفي سنة ١٩١١ م/ ١٣٣٠ هـ بلغ (٦٦) مليونا.
ومما برعت به الأمة الألمانية فلسفة الطبيعيات والكيميا اللتين أوصلتاها بالأبحاث الدقيقة إلى إخضاع القوات النارية والكهربائية إخضاعا لم يعهد له مثيل. فاستخدمت تلك القوات بالزراعة والصناعة على تعدد أنواعها: من سكب الحديد ونسج الأقمشة، وعمل السيارات والطيارات، والغواصات والقوات البحرية التي لا يباريها بها مبار.