لولاية حلب عدة سواحل أعظمها اسكندرونة القائمة على سيف البحر «١» الأبيض، بعدها عن حلب على خط مستقيم ستة وسبعون ميلا تقريبا. وأما بعدها عن طريق أنطاكية الذي يسافر عليه الكروان «٢» فمائة وتسعون ميلا ومسافة هذا الطريق على سير البغل أربع وعشرون ساعة تقطع على ثلاث مراحل. وميناء اسكندرونة من أحسن مواني حلب لأن جبل اللكام يرسل هناك بعض شعابه فتنعطف ويتكون منها شكل حوض كأنه من عمل الصناعة. ومن مواني حلب أيضا ميناء السويدية من عمل أنطاكية ثم ميناء قاب آو من عمل اسكندرونة ثم قره طوران من مضافات جسر الشغر.
حرّ حلب
يشتد حر حلب من تاسع يوم من حزيران ويستمر إلى اليوم الحادي عشر من أيلول، وحينئذ يأخذ بالاعتدال. وأشد ما يكون في شهري تموز وآب لأن فيهما تهب ريح السموم وترتفع الزّوابع في ضواحي حلب وتقوى الهوامّ والحشرات وتخرس بلابلة الرياض وتشحّ مياه العيون والآبار وربما جف بعضها ويلذّ الماء البارد ويعلو الزئبق في هذا البحران «٣» إلى بضع وثلاثين درجة في الظل الشمالي بمقياس السنتكراد وقد يصل في بعض السنين إلى الدرجة الحادية والأربعين. وذلك نادرا جدا وحينئذ يشتد ضرره على الأطفال، فإنه قد يسبب لهم الإسهال الأسناني ويوعك أجسامهم. والنوء يضطرب من ابتداء شهر أيلول فلا يكاد يستقيم على حالة واحدة ساعة واحدة فينبغي التحفظ بالثياب والتدثّر وقت النوم.
قال بعضهم شعرا:
خذ في التدثّر في الخريف فإنه ... مستوبل ونسيمه خطّاف
يجري مع الأجسام في غسق الدّجى ... بلطافة ومن اللطيف يخاف