القرامطة فمنعوا، وكسروا قفل الباب وخرجوا، ووقعت الحرب بين الفريقين ونصر الله الحلبيين وأعانهم أبو الأغر، فقتل من القرامطة خلق كثير وعاد الحلبيون يوم عيد الفطر.
وفي سنة ٢٩٠ ولى المكتفي حلب عيسى غلام النوشري، وفي آخر هذه السنة توجه عيسى إلى مصر لمحاربة الطولونية واستخلف على حلب ولده. ولما رجع إلى حلب صرفه المكتفي منها إلى مصر وولى حلب أبا الحسن ذكاء بن عبد الله الأعور سنة ٢٩٢ وكان كريما يهب ويعطي، وإليه كانت تنسب دار ذكاء، وإلى جانبها دار حاجبه فيروز، انهدمت وصارت تلا نسفه الملك الظاهر وظهر في بقايا من الذخائر كالزئبق وغيره، وكان موضع سوق الصاغة، وكان وزير ذكاء وكاتبه أبا الحسن محمد بن عمر بن يحيى النّفري، وإليه كانت تنسب حمّام النّفري، وداره هي المدرسة النفرية.
[حوادث أيام المقتدر]
وفي سنة ٢٩٥ عاثت بنو تميم في بلد حلب وأفسدوا فسادا عظيما وحاصروا ذكاء في حلب، فكتب المقتدر الخليفة إلى الحسين بن حمدان في إنجاد ذكاء في حلب، وكان ابن حمدان بالرحبة فسار إلى بني تميم ولقي منهم جماعة بخناصرة وأوقع بهم وأسر بعضهم، وانصرف ولم يجتمع بذكاء. وفي سنة ٣٠٢ ولى المقتدر الشام ومصر مؤنسا الخادم نيابة عن ابنه أبي العباس بن المقتدر، فاستناب مؤنس الخادم عنه في حلب أبا العباس أحمد بن كيغلغ في هذه السنة، وهو الذي مدحه المتنبي بقوله (كم قتيل كما قتلت شهيد)«١» .
وكان أحمد المذكور أديبا ظريفا. ومن شعره قوله:
قلت له والجفون قرحى ... قد أقرح الدمع ما يليها:
ما لي في لوعتي شبيه ... قال: وأبصرت لي شبيها؟
ثم ولّى مؤنس الخادم على حلب في هذه السنة أبا قابوس محمودا بن جك الخراساني، وكان جبارا عنيدا منحرفا عن أهل البيت. وفي سنة ٣١٢ عزل مؤنس الخادم أبا قابوس، وولى مكانه وصيفا البكتمري الخادم. وفي سنة ٣١٦ عزل وصيفا وولّى مكانه هلالا ابن بدر أبا الفتح غلام المعتضد.