دنياه، وصار نافذ الكلمة مسموع الأمر رئيسا بين أقرانه، فاعتصب عليه عدة من رجال حلب وأعيانها ورؤسائها، وزعموا أنه طغى وبغى وجار وظلم وعاقب وعذّب وسلب الأموال بغير حق، وفعل ما لم يكن جائزا في الشرع المطهّر. وقدموا في هذه المثالب محضرا إلى الدولة يلتمسون فيه من عدلها عزله ومجازاته على فعله. فصادف هذا المحضر قبولا وعزلته الدولة ومحت اسمه من جريدة الموالي- وكان حائزا باية «١» إزمير- ونفته إلى أدرنة. ولما صدر الأمر بنفيه كان والده أحمد أفندي في استانبول فأخذ يدافع عن ولده حسب الشفقة الأبوية، ويقيم الحجة على أخصامه في دحض ما زعموه في ولده حتى خيف من وقوع فساد بينه وبينهم، فأمرت الدولة أن يلحق بولده وينفى إلى أدرنة. وقد رأيت في بعض المجاميع أنه استقام في المنفى ستة أعوام ونقل فيه إلى عدة بلدان كقبرص وغيرها.
وفي ذي القعدة من هذه السنة ولي حلب حمزة باشا السلحدار وفوضت إليه التحصيلات فكان بحلب واليا ومحصّلا، وولي سلفه علي باشا محافظة القارص. وفي شوال سنة ١١٨١ ولي حلب باغلقجي زاده محمد أمين باشا. ثم في سنة ١١٨٢ ولي الصدارة وولي حلب مكانه رجب باشا. وفيها حصل وقعة عظيمة بين اليكجرية والدالاتية وخرب عدة محلات بهذه الوقعة. وفي سنة ١١٨٣ محت الدولة اسم رجب باشا من دفتر الوزارة ونفي إلى ديمتوقة. وسبب ذلك أنه لما دخل حلب استأجر دارا فسيحة وأسكنها خمسا وعشرين جارية واشتغل بهن ليله ونهاره، وأهمل أمر الحكومة وبقي الناس فوضى. وقد ولي حلب بعده محمد باشا أحمد باشا زاده متصرّف سلانيك سابقا. ثم بعد مدة قليلة نقل إلى محافظة ودين وولي حلب مكانه محمد باشا، نقل إليها من ولاية روملي.
[فتنة بين الأشراف والإنكشارية:]
وفيها حصل بين الأشراف واليكجرية وقعة عظيمة واشتد القتال والنهب، ونهبت قيسرية العرب تحت القلعة ونفيت عدة أشراف. وفي رمضانها المصادف لتموز وقع مطر غزير أخرب أماكن عديدة، من جملتها مكتب في محلة باحسيتا انهدم على عشرة أولاد من اليهود وحاخام وامرأة. وفي محرم سنة ١١٨٤ عين محمد باشا والي حلب سر عسكرا ووليها مكانه عبد الرحمن باشا فوصل إليها في رجب.