عشرة سنة. قيل وقال عبد الملك لأبيه يوما: يا أمير المؤمنين ما تقول لربك إذا أتيته وقد تركت حقا لم تحيه وباطلا لم تمته. فقال يا بني إن أجدادك قد دعوا الناس عن الحق فانتهت الأمور إليّ وقد أقبل شرها وأدبر خيرها ولكن أليس حسنا وجميلا أن لا تطلع الشمس علي في يوم إلا أحييت حقا وأمتّ فيه باطلا حتى يأتيني الموت فأنا على ذلك.
وبالجملة فإن أخباره كلها جميلة ولو أخذنا باستقصائها لضاق عنها هذا الكتاب وقد ذكرت له في كتب السير خطب ومواعظ وأفعال تدل على علو منزلته في مراتب أهل الله والصفوة الملأ «١» . وفي هذا القدر كفاية للتنبيه على فضله وعدله رضي الله عنه.
[الأسر الشهيرة في معرة النعمان]
أشهر أسرة في هذه البلدة وأقدمها: أسرة آل الحراكي يتصل نسبها بالحسين رضي الله عنه. تولى نقابة أشراف هذه البلدة أبو بكر أفندي ثم ولده طاهر أفندي ثم ولده نورس باشا الشهير المتحلي برتبة مير ميران «٢» وهو أعظم رجل وجد في هذا القضاء لما اتصف به من فرط الذكاء والسخاء والوجاهة ونفوذ الكلمة لدى الخاص والعام والقريب والبعيد وكان منزله كدار للضيوف يجد فيها الضيف من حسن القرى والكرامة ما لا يجده في منزل غيره وكان الضيف يقيم عنده الأشهر العديدة بل ربما أقام عنده بعض الأغراب المستخدمين في حكومة المعرة مدة خدمتهم فلا يجدون في طول هذه المدة سوى ما يتجدد لهم من البر والإكرام كل يوم. وكان ينزل عنده بعض سوّاح «٣» من كبار رجال الغرب فيتجلى لهم كرم الشرقيين وحسن أذواقهم وذكاء فطرتهم لما يجدونه لديه من الحفاوة والإكرام والنظافة في المأكل والمشرب وجمال الظروف والأواني وأثاث المنزل ولطف المعاملة.
وجيه هذه الأسرة الآن حكمت بك نجل المرحوم نورس باشا فهو جار على سنن والده بالسخاء وإقراء «٤» الضيوف وكرم الأخلاق والوجاهة عند الحكومة ولطف المعاشرة.